تمهيد
ترتدي الأزمة عدة أقنعة: حادثة تشيرنوبل النووية أو كارثة مصنع المبيدات في بهوبال الهند أو تسربات مواد كيماوية في سيفيسو في إيطاليا أو تسرب النفط من الناقلة إكسون فالديز أو حرب إكتوبر أو حرب الخليج الأولى والثانية أو هجمات الحادي عشر من سبتمبر على مركز التجارة العالمي في نيويورك.
نحن نعيش محاصرين بمبانٍ أو آليات تولد مخاطر كبيرة ونواجه يوميا معاضل إقتصادية بإمكانها أن تنفجر لأي سبب بشكل أزمة تشمل الجميع. ويضيف الإجرام والإرهاب بُعداً أكثر تعقيدا. أما رجل الشارع في هذا العصر فهو على دراية واسعة بأمور السلامة ويشعر بأن أنظمتنا معلقة بخيط . وأي خبر أو إشاعة بسيطة فإن الإعلام يضخمها بمقياس لا يقارن .
فلا يمر يوماً دون أن نسمع عن أزمة في مكان ما ودائماً ما تقع في إطار معقد مزعج وكل إجراء للتصدي لها ممن شأنه أن ينقلب على صاحبه. ماذا تفعل في وسط طوفان عندما تفقد بوصلتك والدمار أمام عينيك والجثث تحاصرك ورحى الإعلام تدور بسرعة. هذا هو السؤال الملح والفوري الذي يواجه صّناع القرار والمؤسسات .
إن مجتمعات هذا اليوم حساسة وغير مستقرة عن ذي قبل ، ويحتاج صانع القرار إلى أدوات توجيه وفهم متعمق لإدارة الأزمة في أحلك الظروف. فهذه الحالات هي الأخطر والأصعب على جميع استثمارات الماضي والحاضر والمستقبل .
فهل سيكون من شأن كتابة دليل للأزمات السابقة ووضعها في قاعدة بيانات للاستفادة منها مستقبلاً كافيا لإدارة الأزمات الجديدة ؟ في إعتقادي أن الدليل مهم لإجابة بعض الاستفسارات خلال الأزمة وسد الفراغات ولكن الأهم هو المقدرة على تحليل وتقييم وفهم أبعاد الأزمة ووضع الخيارات واختيار الخيار الأفضل ـ أي دقة تصويب مقدرة الحكم على الأمور لدى صانع القرار.
إذاً لن يحتاج صانع القرار في هذه الحالة إلى الإجابات وإنما يحتاج إلى توسيع مداركه وتركيز أفكاره للإحاطة ببعد أكبر من إدراك المشاكل وعندها فقط يمكن التفكير باستجابات استراتيجية للأزمة. في هذا البحث سنتعرف على المعاضل الأساسية التي تتصف بها الأزمة وإدارة الأزمة. وسنطور أدوات أساسية بغرض الإستجابة للحالة. وسنقدم عروض لمساعدة القادة والمدراء لتصميم وتنظيم عمليات التعليم.
عندما بدأت بحثي لم أستطع العثور على المراجع العربية الكافية في هذا الجانب مما حفزني وشجعني على المضي قدما لتقديم كتاب عربي آخر في ادارة الازمات مختلف عن الطرح التقليدي لقناعتي الشديدة بان الاتجاه الذي اسلكه هو أقصر الطرق الى استيعاب هذا العلم بشمولية. فعند قراءتي لادارة الازمات وجدت ان بعض المؤلفين يتحدثون عن الازمة وكأنها الازمة السياسية فقط. هل سنعالج ازمة سياسية؟ ام مالية؟ ام أمنية؟ أم ازمات سببتها كوارث الطبيعة؟
هذا الكتاب موجه إلى صانع القرار في مناصب الدولة الحكومية وفي المؤسسات الخاصة والبنوك وفي المجمتع وفي البيت والمدرسة ولكل من يهتم بالضحايا والصحفيين والخبراء والإستشاريين والموظفين والنقابات العمالية ورجل الشارع وأخيراً ... أنت.
لتنزيل الكتاب:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق