الأربعاء، 17 ديسمبر 2014

أيها المستهلكون: لا حياة لمن تنادي


دكتور راشد علي محمد السعدي
لا يقتصر الإبتكار المستمر للمصانع وشركات الأعمال حول العالم على  تطوير المنتوجات الجديدة فقط وإنما يمتد إلى طرق التسويق لتحقيق أقصى قدر من الأرباح. أما المستهلكين فهم مصدر تمويل وإستدامة هذه المشاريع التجارية. ولكن إلى متى؟
 قبل الثمانينات ، تنافست الشركات على جودة منتجاتها. ثم دخلت فلسفات جديدة في السوق. منها ، البيع بأسعار أقل ولكن بكميات أكبر تعوض الفرق في السعر بسبب حجم الانتاج. ومنها ، بيع إصدارات جديدة من نفس المنتوج او التطبيقات بوتيرة أسرع مع ميزات جديدة أو محسنة. أثرت هذه الفلسفات أو إستراتيجيات التسويق على المستهلكين إلى الحد الذي يخطط فيه المستهلك بصورة عمياء لإستبدال منتوجه الحالي لمجرد إستخدام الميزات الإضافية في الإصدارة الجديدة. وقد تبرر هذه الميزات شراء أجهزة أو منتوجات جديدة ولكن بالتأكيد لا تستحق إستبدال منتوجات أقدم في كامل وظائفها.
معظمنا في حاجة الى أجهزة إتصالات وأجهزة كمبيوتر شخصية وبرمجيات وأدوات كهربائية منزلية. ولكن إن إتبعت المصانع وشركات الأعمال ما ذكرناه من استراتيجيات تسويق أو فلسفات (وهم بالطبع يسترشدون بها) ، فإن المستهلك في ورطة مالية. وما يفاقم من الحرمان المالي للمستهلك هو سلوكه الشرائي. فالمستهلكون مرتبطين على الدوام بالانترنت ويحتاجون متطلباتهم فوراً ويتأثرون بالعلامات التجارية لدرجة كبيرة.
علاوة على ذلك ، فإن الدعم المحدود للمنتجات القديمة وإيقاف خدمات الدعم لبعض خطوط الإنتاج بسرعة يدفع المستهلك بقوة ليغير أو يأخذ على محمل الجد النظر في شراء هذه السلع الجديدة. ففي الثمانينات طرحت شركة أبل الماكنتوش. وفي التسعينات أدخلت البوربوك والماكنتوش البور وآيماك. وفي عام 1990 ، طرحت شركة مايكروسوفت أوفيس. ومنذ ذاك الحين طرحت شركة ميكروسوفت إصدارة جديدة بشكل سنوي تقريبا من نظام أوفيس. أما الآيفون فذهب في إتجاه مماثل. أنظر الشكل 1.
تفهم هذه الكيانات التجارية وهي على دراية أن بيع منتجاتها فقط لن يمكنها من إدامة وتعظيم أرباحها. ويجب أن تستغل وسائل أخرى مثل الخدمات متمثلة بالإصلاح والدردشة الحية واصلاح الكمبيوتر عن بعد.
الشكل 1: خط تاريخ جهاز الآيفون

المصدر: الكاتب
أخذ الموضوع الوارد أعلاه بعداً إضافياً في الآونة الأخيرة عند إستخدام التكنلوجيا السحابية او ما يطلق عليه Cloud Computing. ولكي نعرض مثال على سوق البرمجيات، قامت شركة أدوبي بتغيير مبيعات منتوجها المشهور "أدوبي كرييتف سويت" إلى "أدوبي كرييتف كلاود". هذه المنتجات مخصصة للتصميم والطباعة وتصميم مواقع الإنترنت. ويمثل هذا خروج كامل عن نموذجها التقليدي. فقد غيرت من بيع منتوج إلى بيع خدمة برسوم شهرية. ويمكن لمصممي ومطوري الويب على سبيل المثال الإشتراك في أدوبي السحابية لإستخدام حزمة من البرامج مقابل رسوم شهرية. فقد تم تحويل منتوج الى خدمة! الحاجة أم الإختراع.
لا يمكن أن تستمر الصحة المالية للمستهلك في هذا الحرمان. فالشركات تقوم بإستغلال المشترين على نطاق واسع. لا يكون للمستهلك أية حقوق عندما يتحدى كبار الشركات المتكتلة. ويعرف معظم المستهلكين أغلب ما ذكر ولكن لا حيلة لديهم لتغييره في صالحهم. وأيضاً يعرف المستهلك أن المصنعين بإمكانهم تصنيع منتوجات أكثر جودة وتعمر وقتاً أطول بكثير. ويعرفون أنهم مستنزفون في دفع إشتراكات مستمرة لخدمات لا يستخدمونها إلا وقت الحاجة. ويفهم المستخدم أن بإمكان الشركات أن تقدم تكاليف خدمة معقولة عندما يستخدم خدماتها في ذلك الوقت فقط. إستطاع المستهلكون تقديم شكواهم لحماية المستهلك عن الإعلانات الكاذبة وفشل الخدمات ومبيعات الإنترنت الخادعة وعدم إلتزام بالتسليم ولكن بالنسبة لما ذكر أعلاه نقول :

أيها المستهلكون! لا حياة لمن تنادي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق