الأربعاء، 28 ديسمبر 2016

ماذا استفدنا من معركة الدردنيل


معركة جاليبولي كما تسميها بريطانيا أو حملة الدردنيل كما تطلق عليها فرنسا أو معركة شناق قلعة التي تفتخر بها تركيا عبارة عن دروس وعبر كثيرة في السياسة والفكر العسكري والأطماع الإستعمارية وصراع الحضارات. فهي المعركة التي هندسها ونستون تشيرتشل عام 1915م لدعم روسيا خلال الحرب العالمية الأولى ضد الألمان عن طريق مضيق الدردنيل للوصول الى بحر مرمرة ومنه مضيق البوسفور ليصل الى البحر الأسود. 

بدأ الحلفاء غزوهم البحري على تركيا في فبراير 1915م وكانت قواهم البحرية تضم سفن بريطانية وفرنسية وفي ابريل 1915م أتبعوها بغزو بري ضم قوات بريطانية وفرنسية وفرق عسكرية من استراليا ونيوزيلندا. استمر التحالف في تلقي الهزائم من القوات التركية والقوات الموالية لها في ولاياتها مثل حلب ودمشق وبغداد والقدس ونابلس وغيرها ، حتى أصدرت الأوامر بالانسحاب والاخلاء الى قوات الحلفاء الذين تكبدوا خسائر في الأرواح وصلت الى 252 الف بين مصاب وقتيل. كما تكبدت القوات التركية وولاياتها 250 الف مصاب وقتيل.(1)

والباحث في المصادر الرئيسية لهذه الحرب سيجد اختلافات تدوين متحيزة وسرد وقائع مختلف فالبريطانيين ركزوا على تبرير هزائمهم وأدخلوا نجاحات كثيرة رغم سحقهم وفقدانهم أهم غواصاتهم وسفنهم الحربية. أما الأستراليين والنيوزيلنديين فكان تركيزهم على البأس والشجاعة في النزال البري أما الأتراك فركزوا على التضحيات الكبيرة والبطولات الفردية. ومن تداول الموضوع من غير المشاركين بالحرب فكتب عن مؤامرات لإنشاء الدولة التركية العلمانية. لذا حاولنا في هذه الصفحات تبين الحقائق فقط والخروج بدروس نستفيد منها.  

علاقة تركيا بألمانيا في الحرب العالمية الأولى
ساد تكتم على علاقة تركيا بألمانيا في الحرب العالمية الأولى ولكن الدلائل كانت تشير الى أن تركيا كانت تلعب دور سياسي لا يقحمها مباشرة في صراعات مدمرة. ورغم ذلك كانت تميل أكثر الى ألمانيا التي سلمتها القوقاز الروسية في شمال غرب ايران. وفي نوفمبر 1914م اعلنت روسيا الحرب على تركيا ، ومن طرفها وقعت تركيا اتفاق سري بالتعاون مع المانيا ضد روسيا وهو اتفاق لا يرغمها على دخول مناوشات حربية. (2)

تفاصيل المعارك
كان هدف تشيرتشل مهاجمة القسطنطينية عن طريق البحر (أطلق على القسطنطينية إسم اسطنبول عام 1923م بعد تشكيل جمهورية تركيا الحديثة). وتعتبر القسطنطينية عاصمة امبراطوريات متعددة كالرومانية والبيزنطينية واللاتينية والعثمانية. كانت الخطة بسيطة وهي دك القلاع على الاراضي التركية بمحاذاة شريط الدردنيل واضعافها وثم التقدم الى القسطنطينية. وفي 19 فبراير 1915م بدأ الاسطول البريطاني-الفرنسي مهاجمة ودك القلاع التركية فلم تتحرك القوات التركية للرد وأيقن الحلفاء أن الأمر أصبح في غاية البساطة وأن الامبراطورية العثمانية في غاية ضعفها. عندها تحركت السفن ودخلت فم مضيق الدردنيل وبدأ 250 مدفع ثقيل يعمل في تدمير القلاع التركية ولم يتمكن الأتراك في الرد لأن مدى مدافعهم كان أقصر. وما أن توغلت السفن البريطانية والفرنسية أكثر في مضيق الدردنيل فقد دخلت ضمن نيران المدفعية التركية والألغام البحرية التي فاجأتها وأغرقت ثلاثة سفن وأعطبت مثلها وانسحبت السفن والمدمرات المتبقية بعد محاولات يائسة لإنتشال المصابين. كانت هزيمة نكراء إنتشرت أخبارها كالبرق في دول العالم.(3)

لم تتقبل بريطانيا العظمى هزيمتها بعد ان استدرجتها القوات العثمانية الى حتفها ، فقررت تعزيز هجومها البحري بهجوم بري للإستيلاء على التحصينات التركية وإسكات المدافع الثقيلة. كان الثقل الاستراتيجي ينصب على الجهد البري الذي يقوده القائد البريطاني هاميلتون ويضم نخبة من القوات الاسترالية والنيوزيلندية والفرنسية. وبدأ التحضير للجهد البري الذي استغرق أكثر من شهر وكانت مدة كافية للقوات التركية أن تفهم الموقف جيداً وتعزز دفاعاتها. 

خططت بريطانيا لإنزال فرقتها 29 على خمسة شواطئ في منطقة "كيب هيليز" في جنوب المضيق الغربي ومن ثم ستجتمع لتتحرك كقوة واحدة. وسيقتحم الاستراليون والنيوزيلنديون شاطئ "غاباتيبي" في الشمال ليعززوا القوة البريطانية. وسيحتل الفرنسيون "كوم كالي" على الأراضي الآسيوية من الدردنيل. 

بدأت محاولة الإنزال في 25 ابريل 1915م وكان العثمانيون لهم بالمرصاد يعاونهم في ذلك القائد الألماني ساندرز. واجهت القوات الغازية مقاومة شرسة تسببت في قتلى بالمئات وفشل الانزال. ورغم ارتفاع حصيلة الضحايا من قوات التحالف ، أمر هاملتون بهجوم جديد على "كريثيا" في 28 ابريل 1915م. دافع العثمانيون الأتراك عن وطنهم بكل ما اوتوا من قوة وصدوا قوات التحالف في نفس اليوم. وفي 6 مايو سحب هاملتون القوات الاسترالية والنيوزيلندية لتعزيز القوة البريطانية في هيليز ولكنه فشل وتكبدت قواته خسائر بشرية كبيرة. 

قام الأتراك في يوم 19 مايو 1915م بهجوم مباغت على القوات الاسترالية المتبقية قرب غاباتيبي ولكنها لم تنجح وتكبدت 3000 قتيل. وفي 4 يونيو أمر هاملتون الهجوم الثالث على كريثيا وكانت النتيجة مذبحة في ذلك اليوم منهم 9000 تركي و6500 من التحالف ولم يتمكن هاملتون من الاستيلاء الا على أمتار قليلة من الأرض. 

في 6 اغسطس 1915م قرر هاملتون تغيير خطته والهجوم على "سوفلا" قرب أنزاك وأيضاً باءت بالفشل. وفي اكتوبر تم تنحية الجنرال هاملتون بالقائد تشارلز مونرو. أوصى مونرو بالإخلاء بسبب قدوم الشتاء ودخول بلغاريا الحرب. وربما كان الإخلاء السري هو النجاح الذي يذكر للقوات المتحالفة. 

اختلفت الدراسات في اعداد من قتل في المعارك التي دارت على مدار ثمانية شهور ونصف ولكن من دراسات الأتراك وجدنا أن الضحايا بلغوا 250 ألفا منهم 100 الف قتيل. بينما كانت احصائيات قوات الحلفاء 182 ألف منهم 62 الف قتيل. كانت معركة دموية مؤلمة.  

دروس نتعلم منها:
اختيار القادة البريطانيين على أساس التأثير وليس القدرة كان سبب الفشل الرئيسي الذي افتقر الى وضع  خطط استراتيجية مدروسة وبتأني. كما أدى ضعف قدرة القيادة الى التأخير في قرارات الهجوم وسرعة الحركة. وساهم افراط القادة بالثقة بالنفس والشعور بالعظمة الى الاقتناع من أن الخصم أضعف من أن يستطيع المقاومة. تسبب كل ذلك في اختيار طبيعة وعرة لإقتحامها وتم انزال القوات المتحالفة في وسط شاطئ مفتوح وليس على الموانئ. لذا كان من المستحيل احتلال مناطق مرتفعة وعرة ومحصنة بقوات بشرية تكاد أن تتساوى في القوة والامكانيات. وساهم ضعف المعلومات الاستخباراتية وغياب الخرائط الدقيقة الى انزال خاطئ. يقول هاملتون: معرفتي عن الدردنيل: عدم ، عن الاتراك:عدم ، عن القوة التي ستهاجمها قواتنا: عدم."

وبسبب الإستعجال لم تصل المؤونة اللازمة والمواد في الوقت المطلوب. اضف على ذلك تأثير الطقس وندرة المياه والغذاء والتضاريس الوعرة التي لم تخدم قوات التحالف.
أما بالنسبة للأتراك فقد استغلوا بالفعل ارتفاع الأرض المحيطة بالمضيق واستعدوا استعدادا جيدا للمعركة وكانت لديهم معرفة بالأرض. وما تميزوا به هو استخدامهم للألغام البحرية التي كان لها التأثير الأكبر في كسر معنويات التحالف منذ اليوم الأول. كان الحظ يحالف الأتراك فلديهم طائرات استطلاع ألمانية وخبرات قيادية من ألمانيا. كما حالفهم الحظ في تلكؤ قوات التحالف في سرعة اتخاذ قرار الهجوم. ورغم الأعداد البشرية الكبيرة التي فقدها الأتراك كانوا يقاتلون ببسالة ويذودون عن ارضهم. كما لعب مصطفى كمال دورا بارزا في هزيمة البريطانيين بمنع التحام قوات التحالف مع بعض وتفريقهم. لقب بأتاتورك لاحقا وكان قائدا لاحدى الفرق في المعركة. وقاد مصطفى كمال تأسيس الدولة التركية الحديثة لاحقاً. فبالنسبة للأتراك فهي المرة الأولى التي ينتصرون فيها على القوى العالمية. 

 فكر تشيرتشل
كان غزو تركيا من فكر ونستون تشيرتشل والذي كان وزيرا للبحرية البريطانية آنذاك. فقد كان يطمح في أن يهدي مدينة إسطنبول الى الروس. بعد ضعف الدولة العثمانية ، كانت بريطانيا وفرنسا وروسيا القيصرية يتفاهمون سراً على تقسيم المنطقة العربية ايضا فمعاهدة سايكس بيكو دليلا آخر على أطماعهم. ولكن في تركيا ، باءت مخططات تشيرتشل بالفشل فعزل من منصبه. وكإضافة مفيدة نذكرها هنا أن تشرتشل لمع نجمه ثانية في الحرب العالمية الثانية. فبعد فشله في معركة جاليبولي وعزله ، ذهب ليقاتل في الخطوط الاولى في فرنسا وعاد عام 1917م كوزير للذخيرة. كان اصدقاؤه السياسيون يسخرون منه عندما يتحدث ويقولون:" ماذا عن الدردنيل؟" وكان يرد عليهم أنه يفتخر بقراره في معركة الدردنيل والتي يمكن أن تكون قتلاها بالملايين. هؤلاء السياسيين أمثال تشرتشل يبيعون الكلام ويأسرون العامة به. وفي المقابل يهدمون ويقتلون بنقص كفاءتهم وترددهم. فهو من أصدر الأوامر بغزو تركيا وهو من ضغط على قادته حتى أصاب بعضهم أزمات نفسية استبدلوا في وسط المعارك. (4)

أثر جاليبولي في نجاح انزال نورماندي
حققت الدروس المستفادة من معركة جاليبولي إنزال ناجح في النورماندي إبان الحرب العالمية الثانية. فقد قام الحلفاء بالتخطيط الجيد والمفصل للإنزال وتم اختيار أفضل بقعة على الساحل الفرنسي. وكان الإنزال هو الأضخم على مر التاريخ حيث شاركت فيه قوات بحرية وبرية وجوية. كانت القرارات سريعة وتحرك القوات تماثلها حركية. تم تأجيل الإنزال يوماً بسبب سوء الأحوال الجوية. واستخدمت خطط التضليل والتكتيم حول موقع الانزال. كما شهدت المعارك انزال مظلي خلف خطوط الألمان. وبسبب الأعداد الكبيرة تم بناء مرافئ مؤقته لنزول القوات والمعدات والذخائر والمؤن. 

دروس لا نتعلم منها
درسنا الأول في أهمية الحفاظ على وتنمية الرأسمال البشري. رغم نجاح القوات التركية في الحفاظ على اسطنبول وقيام الدولة التركية الحديثة الا أنها خسرت الكثير من قواها البشرية في المعارك المختلفة في القوقاز والبحر الأسود وقناة السويس أيضاً. فالمعارك وبال على البشر وتكلفتها مدمرة والتعافي منها يحتاج الى التضحيات. لم تستطع تركيا أن تستمر في حروبها وهي في أوج ضعف الدولة العثمانية والخسائر البشرية الفادحة التي تُمنى بها في الشرق والغرب والأراضي التي تخسرها لصالح الأوروبيين. فتخلفت صناعاتها ولجأت الى المفاوضات والمعاهدات. لم يرضى الأتراك عن وضع الدولة العثمانية الضعيف ونجحوا في ثورتهم "الكمالية" التي قادها مصطفى كمال لاحقاً لتأسيس دولة تركية علمانية. الرأسمال البشري هو ثروة الوطن. وها هم بمئات الآلاف يُضحى بهم بلا نتيجة في دولنا العربية فنخسر تلك العقول الجبارة. 

ويتلخص الدرس الثاني في التغيير وادارته. هل نجح "أب الأتراك" أو "أتاتورك" في تغيير إصلاحي من جذوره أم أنه مزق الدولة التركية وأبعدها عن الإسلام؟ الإجابة واضحة في عودة أغلبية الشعب التركي اليوم لأصوله المسلمة. لا ينجح تغيير جذري كما قام به مصطفى كمال أتاتورك بين عشية وضحاها وتكوين دولة علمانية بأغلبية مسلمة ، فهذا تناقض. محاولة تغيير ومحو الثقافة في فترة قصيرة تكاد أن تكون مستحيلة. القارئ المنصف لأحداث التاريخ سيجد أن مصطفى كمال كان مخلصا لبلاده ساعيا لتطويرها حسب توجهاته وفهمه للأحداث حوله وكان مقتنعا بالفكر العلماني السائد في فصل الدين عن الدولة. وعلى ذلك استفادت تركيا بإعادة صداقاتها مع الدول الأوروبية والحصول على المكاسب الإقتصادية والسياسية. ولكنه كان جاهلاً بكيفية إدارة تغيير ثقافة المجتمع وأن المكاسب يمكن تحقيقها حتى وإن لم تعلن تركيا علمانيتها. فالفرق بين الأمرين هو وقت بناء وتطوير المجتمع الداخلي وأيضا بناء الثقة بين الدول. 

ودرسنا الثالث في ضرورة تنمية المواطن وتحمل هفواته لأنه الطريق الوحيد لبناء المجتمع المتكاتف. لا صبر لقيادات اليوم في بناء المجتمعات التي تتطلب الوقت والجهد وهم على قناعة زائفة بأن التنمية هي مجموعة مشاريع تشرف عليها شركات دولية متمكنة. أما الشعوب فهي لا تستطيع اللحاق بقطار التنمية السريع ولا قدرة لديها على ذلك. ولا يعلمون أن الدول المتقدمة ينفقون هدراً على مشاريع البحث والتطوير ويواجهون الفشل تلو الآخر ويصبرون حتى يصلون لمبتغاهم. أما في دولنا ، فمن أول هفوة ، تتم تنحية المغلوب على أمره. عاصر تشيرتشيل الحرب العالمية الأولى والثانية وتسبب بكوارث على مدى 25 عاماً حتى حصل على منصب رئيس وزراء بريطانيا عام 1940م. من أقواله: "إن كنت تمر عبر الجحيم ، واصل طريقك" ، فهو الذي انتقل من فشل الى فشل آخر دون أن يفقد حماسه.     

ونخص في درسنا الرابع التعايش مع اختلافاتنا بوجود هدف مشترك. لا يمكن لأي دولة أن تتعايش مع مواطنيها "العلمانيين" وتهمل مواطنيها "المسلمين" أو العكس. وللأسف لدينا أمثلة كثيرة اليوم ، تذهب الى حد التجريم والتكفير. يستحيل اقصاء الأخ عن أخيه والأب عن إبنه والقريب عن قريبه. فالكل يتأثر ويؤثر في مجتمعه. فأي حل يفرق بين أفراد المجتمع نتيجته الفشل. وكان أحد اسباب فشل الدولة العثمانية يتمثل في حالة الاستبداد وفرض الضرائب على الشعب الذي حورب في قوته وأصبح همه في توفير معيشته اليومية وتخلف علمياً وصناعيا وبالتالي ضعفت قوته العسكرية تدريجياً.    

وفي خامس درس نفهم أن الأطماع الأجنبية للدول الإستعمارية تعتبر أزلية وستستمر. فمعركة جاليبولي وضحت أن الغرب بتفوقه العسكري الهائل يرى أن بإمكانه  فعل ما يرغب بدون منازع ولو كان ظلما. لذا فإنه سيقتطع أي منطقة يشاء من الدول الضعيفة يساوم فيها ويفاوض الدول المستعمرة الأخرى لرفع سقف مكاسبه. وما يفاقم الوضع أن بعض السلاطين خوفاً على امبراطورياتهم يغدقون على الأجانب بأموال وامتيازات ومقدرات شعوبها حتى تبقى في السلطة ولا يعرفون أن الشعوب هي المخلص الحقيقي. 

وأخيراً ، هل الدولة العلمانية هي التي ستنهض بالأمة العربية والاسلامية؟ من تطرقنا لأسباب قوة وضعف الدولة العثمانية وجدنا أن الدولة العثمانية تأسست على العدل والمساواة (قانون نامه) فالشكل اسلامي والمضمون شورى (نظام يتفوق على الديموقراطية بسبب تصويته المباشر). فالعدل والمساواة كفلا تلاحم افرادها وبناء دولتها وبكلمة حق فهي الدولة التي تصدت للغزو الأوروبي ومثلت الإسلام خير تمثيل ونشرته في أوروبا. 



السبت، 16 أبريل 2016

١٧ طريقة سريعة لتصبح شعبياً


17 QUICK WAYS TO BECOME POPULAR

By Nathan Dean

١٧ طريقة سريعة لتصبح شعبياً

كتبها: ناثان دين
ترجمة د. راشد السعدي


إعترف بخطأك بشجاعة. في حالة الخطأ، بدلا من أن تقول آسف قل: "أعترف أنني ارتكبت خطأ". قد يكون من الصعب عليك ان تعترف بالأخطاء  ولكن في نهاية المطاف ستجعل الأمور في نصابها الصحيح.

لا تشترك أبدأ في القيل والقال والنميمة في موقع عملك. 

كن وفيا، مركزاً على عملك وصادقاً ومخلصاً في أدائه.  

عِش لتتعلم ولا تتعلم لتعيش.

في حال وجود استفسار منك او تحقيق عليك، لا تخف ولا تعطي ذريعة. حاول أن توفر تفسير واضح وسليم.

كن دقيقاً وموجِزاً عندما تستخدم الهاتف للتواصل.

خذ اهتماما كبيرا في جمع المعلومات كجزء من معرفتك. فالمعرفة قوة. فهي تساعدك دائما أن تكون مشاركاً نشطاً في المحادثات.

لا تجلب قلقك ومخاوفك في العمل الى المنزل، ولا تحمل هموم المنزل إلى المكتب.

كن حذرا في اختيار الملابس الخاصة بك، والتي ينبغي أن تكون مناسبة لمظهرك والمهنة. لا تدع الأزياء تشغلك.

احضر في الموعد عندما يكون موعد ثابت. عندما تحضر في الوقت المحدد فإنك تعطي انطباعاً بإحترام وتقدير الطرف الآخر.

كن مثالاً من الحماس والنشاط. قم بإختيار شخص مثالي لديك واتبع نهجه.

لا تغير مزاجك الإيجابي. فالشخصية الإيجابية يمكن أن تجعل الشخص يقف في أي مكان.

لتكن لديك روح الدعابة، إلقي النكات، ولكن لا تلعب مع عواطف أي شخص.

قابل الناس. لتكن اجتماعياً. كن لطيفا مع الجميع. إحفظ أسمائهم ودائما استخدام المجاملات في محادثتك مثل "شكرا"، "لو سمحت" الخ.

إلبس ابتسامة واثقة دائما. ابتسامتك يمكن أن تغير الحالة الذهنية لك وللآخرين.

القيام بالأشياء التي لا يقوم بها أحد هي الطريق الصحيح.

لا تكون فضولي.

التمييز ضد كبار السن



التمييز ضد كبار السن

من أرقى عاداتنا وثقافتنا العربية إحترام كبار السن. فهو تقدير لما بذلوا وأعطوا ولخبراتهم التي تُنقَل لمن هو أصغر منهم. واحترامهم قيمة تغرس هذه الثقافة في صغارنا تزيدهم ثقة بأنفسهم لأنهم يوماً ما سيصبحوا في نفس السن وسيحترمهم وسيقدرهم مجتمعهم. تعلمنا هذه الثقافة من ديننا الحنيف. قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا" "رواه الترمذي". وكذلك "يسلم الصغير على الكبير والمار على القاعد والقليل على الكثير" "رواه البخاري". وعن فضل المسنين: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أنبئكم بخياركم قالوا بلى يا رسول الله قال: خياركم أطولكم أعماراً وأحسنكم أخلاقاً" "رواه أحمد".

لقد حمت حكمة الآباء وقوة الأبناء أوطاننا من الغزو الفكري والجغرافي على مدى العهود ، وعندما ضعفت تحت ضغوطات الدول العظمى ، تغلغلت العولمة اليوم في سياساتنا واقتصادنا ومجتمعاتنا. وأصبحنا ننتهج سياساتهم ونطبق دراساتهم. أصبحنا لا نسمع حكمة شيوخنا وخبراتهم ، إنما نوظِف كما يوظِفون حتى أصبح الموظَف عندنا مديراً بسرعة هائلة متخطياً سنين الخبرة المطلوب اكتسابها ليصبح مديراً بلا خبرة. وكأننا تجاهلنا ان الخبرة لا يمكن تعلمها أو إستبدالها بلا ممارسة فعلية. وتصارع الشباب مع كبار السن على المناصب حتى اصبح الفكر السائد أن الشباب هم قادة المستقبل. 

بدأ التمييز ضد كبار السن على مستوى العالم حتى أصبح معدل توظيفهم أقل من الشباب وأصبحوا يستغرقون وقتاً أطول في البحث عن وظيفة. وان حصلوا عليها فبدرجات وظيفية اقل ورواتب أقل. ويُقالون من اعمالهم باسباب واهية مثل تقليص المنظومة وترشيد الانفاق او برنامج التقاعد المبكر او السن المحدد للتقاعد. 

يواجه كبار السن تمييزاً في العمل بسبب اوهام واعتقادات غير صحيحة أو ربما نتيجةً لبعض الدراسات المتحيزة أو تلك التي شابتها الأخطاء. وربما أخطأ البعض تفسير بعض الدراسات الادارية التي إدّعت أن الشباب هم من يجب عليهم قيادة عالمنا المعاصر. يعتقدون ان كبار السن سينهكون وسيحترقون من ضغوط العمل وبأنهم يقاومون التكنولوجيا الحديثة وسيتغيبون عن العمل بسبب امراضهم ولن يتمكنوا من العمل مع المشرفين من الشباب. لا يستطيعون السفر او يترددون ، وهم اقل ابداعاً واقل انتاجاً. وأيضاً ، كبار السن أبطأ بالمهارات الفكرية واستقطابهم مكلف.

الا ان الدراسات الاقتصادية والديموغرافية والنفسية تدحض هذه المعتقدات. يقول مؤلف كتاب "ادارة كبار السن" البروفيسور بيتر كابيللي والذي كتبه مع البروفيسور بيل نوفيللي من جامعة جورج تاون أن "كبار السن اثبتوا مراراً وتكراراً تغلبهم القوي على صغار السن. فكل وجه من اوجه أداء العمل يتحسن عندما نكبر. كنت اعتقد أن الصورة مختلطة ولكنها ليست كذلك. ان التمييز الذي يواجه كبار السن في اسواق العمل لا منطق له".

لقد سجل كبار السن درجات اعلى في القيادة والمهام كثيفة التفاصيل والتنظيم والاستماع ومهارات الكتابة وحل المشاكل وحتى في علم الحاسب الآلي. وهذه المهارات هي أساس توظيف القادة والمدراء وهي ركيزة من سينجح في الوظائف الأخرى. 

ولقد وجدت دراسة من جامعة ولاية كارولاينا الشمالية ان المبرمجين من كبار السن يعرفون مواضيع اكثر من الشباب ويجيبون على الاسئلة بطريقة أفضل ويتأقلمون افضل في بعض الأنظمة الجديدة. ويعتقد زميلهم ايمرسون مورفي هيل ان الشخص الذي يعرف التكنولوجيا القديمة لن تصعب عليه معرفة التكنولوجيا الحديثة. 

ويضيف بيتر كابيللي ان كبار السن لديهم حوافز كامنة نابعة من المجتمع ورسالته وهدف ايجاد عالم أفضل ، بينما تكمن حوافز صغار السن في الحصول على الراتب والترقية. 

ولكن افضل ما يقدمه كبار السن هو الخبرة والحكمة. لقد تعلموا كيفية التعايش مع الناس وحل المعاضل بدون اللجوء الى المساعدة وخلق اجواء تشوبها الفوضى. كما توفر الخبرة لصاحبها حسن التدبير والحكم على الأمور. بينما في المقابل نجد ان صغار السن يتمتعون بسمعة البراعة في استبدال المهام التي يفرضها المكتب الحديث والمتصفة بالتشتيت التكنولوجي.

ولكن حسب ما يعتقد عالم الأعصاب والطبيب آدم غزالي من جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو فإن التعامل مع مهمتين في نفس الوقت قد أُسيئَ تعريفها. فعقل الانسان لا يمكن ان يتعامل مع مهمتين في نفس الوقت. فهو ينتقل بين مهمة ومهمة أخرى. فالعامل الخبير سيوصد الباب ويغلق المشتتات الالكترونية. وهذا يفسر لماذا يسجل بعض كبار السن درجات اقل في الاختبارات الفكرية في مختبرات الفحص ولكن في العمل لا يقل أداؤهم ولا يتعرضون لاصابات عمل مقارنة بالشباب. فالحرص والسلامة يأتيان مع الخبرة.

كما يتميز كبار السن بالولاء وبأخلاقيات المهنة علاوة على أن علاقاتهم مع معارفهم أقوى متانة. 

وخلاصة القول إن من سمات العقل البشري التكيف وكل شخص بإمكانه أن يتلقى المعرفة ويكتسب المهارات الجديدة طوال فترة حياته مهما كان عمره اذا ما حصل على فرصة. لذا فالاعتقاد السائد بأن كبار السن أقل كفاءة هو مجرد وَهْمٌ لا صحة له وتدحضه جميع الدراسات النفسية والاقتصادية والاجتماعية. 

 المراجع:
حقائق مدهشة عن كبار السن. بيتر اومانسكي. AARP Guide. ١١ يوليو ٢٠١٦م صفحة ١٥
دراسة: كبار السن أكثر حماسا للعمل من الشباب. جريدة الرياض ١١ سبتمبر ٢٠١٥م
خمسة اسباب وجيهة لتوظيف كبار السن. المنتدى المفتوح. فيفيان جيانغ . اغسطس ٢٠١٣م
دراسات تدحض قدرات اقل لدى كبار السن. The Register Guard. ٤ ابريل ١٩٧٦م صفحة ٥




السبت، 16 يناير 2016

أقوى الإقتباسات لكلمات مارتن لوثر كنج



كلمات في العدالة
1. "سوف تستمر زوبعة الثورة في زعزعة أسس أمتنا حتى يبزغ يوم العدالة المشرق."
2. "نحن جميعا نريد حقوقنا، نريدها هنا، نريدها الآن."
3. "الآن هو الوقت المناسب لجعل العدالة حقيقة واقعة لجميع أبناء الله".

كلمات في اللاعنف
4. "يجب ألا نسمح لاحتجاجنا الخلاق أن يتحول إلى العنف الجسدي."
5. "وهنا يكمن المعنى والقيمة الحقيقية للشفقة واللاعنف: عندما تساعدنا على رؤية وجهة نظر العدو وتمكننا من سماع أسئلته، ومعرفة تقييمه لنا. من وجهة نظره قد نرى في الواقع نقاط الضعف الأساسية للحالة الخاصة بنا، وإذا كنا راشدين، سنتعلم وسنتطور وسنرى الفائدة من حكمة اخواننا الذين يطلق عليهم اسم المعارضة ".
6. "كل رجل حسب قناعاته الإنسانية يجب أن يقرر نوع الاحتجاج الذي يناسب قناعاته، ولكن يجب علينا جميعا الاحتجاج."
7. "لا يزال لدينا خيار اليوم: التعايش اللاعنفي أو العنف المؤدي الى إبادة. وعلينا أن نتحرك ونتعدى ترددنا الماضي في اخذ القرار إلى البدء بالعمل ".
8. "على الرغم من الإنتصارات المؤقتة، لا يجلب العنف السلام الدائم".
9. "نحن نتبنى وسيلة اللاعنف لأن غايتنا مجتمع يتعايش في سلام مع نفسه. وسوف نحاول أن نقنع بكلماتنا، ولكن إذا أخفقت كلماتنا، سوف نحاول أن نقنع بأفعالنا ".

كلمات في السلام والثورة
10. "الشعب المظلوم لا يمكن أن يبقى مظلوماً إلى الأبد. التوق إلى الحرية يتجلى في نهاية المطاف ويفرض نفسه".
11. "مع الصبر والعزم الراسخ سنصر على أن يتم رفع كل وادٍ من اليأس إلى قمم جديدة من الأمل، حتى نخفض ونُسطّح رأس كل جبل يتصف بالكبرياء واللاعقلانية مستخدمين التواضع والرحمة؛ حتى تتحول الأماكن الوعرة من الظلم إلى هضبة سلسة من تكافؤ الفرص؛ وحتى تتحول الأماكن الملتوية للعنصرية بحكمة البصيرة المشرقة الى اماكن اكثر استواءاً ".
12. "يجب ألا نركز سلبياً فقط على طرد الحرب، ولكن إيجابياً على تأكيد السلام".
13. "لقد حانت الساعة لاندلاع حرب عالمية ضد الفقر. يجب على الدول الغنية استخدام مواردها الهائلة من الثروة لتطوير الدول الفقيرة، وتعليم الغير متعلم، وإطعام من لا يستطيع اطعام نفسه. في نهاية المطاف الأمة العظيمة هي الأمة الرحيمة".
14. "أعتقد أن الحقيقة الغير مسلحة والحب غير المشروط سيكون لهما الكلمة النهائية في الواقع. هذا يفسر كيف ان الحق المهزوم مؤقتاً أقوى بكثير من إنتصار الشر".
15. "الآن دعونا نبدأ. الآن دعونا نعيد تكريس أنفسنا لنضال طويل ومرير، ولكنه جميل، نضال من أجل عالم جديد ".



من: العفو الدولية

الخميس، 26 نوفمبر 2015

عندما تموت الكرامة

عندما تموت الكرامة
د. راشد علي السعدي
لم تمر علينا محن متشابكة ومعقددة كتشابك وتعقيدات خلايا الدماغ مثل ما يمر علينا اليوم. كل خلية لها وظيفة تؤديها عبر رسالة من خلايا عصبية دماغية وتشترك مع عدة خلايا تنسق وظائفها بإشارات مختلفة. كذلك ، كل عنصر من عناصر الصراع لديه وجهة نظر مختلفة ينقلها من خلال وسائله العنيفة وغيرها. هناك وجهات نظر مختلفة حتى ضمن العنصر نفسه تتصارع علناً وأحيانا لا تكون إشاراتها قوية حتى تبرز وتؤثر في محيطها لأسباب متعددة. فكيف ستتوافق كل هذه الأفكار المتناقضة والمتضاربة ذات العقائد المختلفة المعلنة والمبطنة من أجل أن تعيش شعوب العالم في سلام ووئام؟  

تطرح الأفكار التي نعيشها في ظل الأزمة السورية وتداعياتها على الدول والمجموعات مثالٌ حي على التناقض الصريح والمعقد في هذه الأفكار الغير قابلة للتغيير ، فكيف نحاول أن نكتشف إن كان بإمكاننا أن نغيرها؟  فهناك عقيدة الدولة الإسلامية وأفكار مؤيديها ووجهة نظر الحكومة السورية ووجهات نظر مؤيديها وآراء الحكومات الغربية وأفكار المهاجرين ومعاناة اللاجئين ووجهات النظر المحايدة. كلها تتشابك في محن مرّكبة للشعب السوري ودول الإقليم والمتأثرين بها من دول العالم. فما هي وجهات النظر المختلفة لهم وأين يلتقون؟
وجهة نظر الجماعات الجهادية
تهدف الجماعات الإسلامية مثل تنظيم الدولة الى اقامة الدولة الإسلامية. وترى انها على منهاج أهل السنة والجماعة. ومن عقيدتها وجوب هدم كل مظاهر الشرك وأن الرافضة طائفة شرك وأن الساحر يجب أن يقتل. وقد اقامت المحاكم وطبقت الحدود على الجميع. وأقامت نظاما اقتصاديا بعيدا عن الربا. كما تؤمن أن العلمانية كفر وأن من يعاون المحتل كافر. كما ترى الدولة الإسلامية أن الجهاد فرض منذ سقوط الأندلس. وأن ديار المسلمين تعتليها شرائع الكفر ويتوجب إزالتها. كما أنها ترى التغلغل الأجنبي في البلاد العربية ودعمه الصريح لرؤساء الدول العربية الأمر الذي قاد الى علمنة الدول واخماد التحركات الإسلامية التي تنشد الكرامة والسيادة واحترام الذات.
مؤيد للثائرين السوريين
أمتنا الإسلامية في خطر من جراء استبداد وقهر وظلم الأنظمة الفاسدة وحكومات دولنا العربية. هذا الطغيان ولّد شعوبا مقهورة تكفر بكل هذه الحكومات ومن والاهم لأنهم يشجعون الحكومات على الإستمرار بالتنكيل بشعوبهم وسلب حرياتهم. إن الدوس على كرامة الشعوب قاد الى قسوة أحكام الثائرين مثل السوريين. لم تترك هذه الدول ولا حلفاؤها أي مجال للإعتدال. الثوار اليوم في كل بقاع العالم وخصوصا في الأراضي العربية ، فهم كامنين وسيُحصد الجميع.
وجهة نظر مؤيدة للحكومة السورية
لدينا سيادة وكرامة في بلدنا يجب أن تحترمها قوانين العالم ودولها التي تتدخل في شؤوننا. الغرب يتطلع الى انتهاك هذه السيادة لإركاعنا والإمتثال بأوامره. عملنا يجب أن يوجه الى شعبنا وليس لمصالح الغرب. تؤكد بلدنا أن الحيادية والمصداقية والشفافية وعدم التسييس يجب أن تكون أرضيات التعامل بين الدول. دولاً عديدة تتدخل تدخلاً سافراً على أراضينا ومقاتلين من دولهم يشتركون في قتالنا ونعاني من انتهاكات سيادة وكرامة دولتنا.
وجهة نظر مؤيدة للحكومات الغربية
داعش جماعة تكفيرية ومجرمون لا يعرفون التفاهم والكلام إنما الأحزمة الناسفة. يقاتلون الجميع ولا هدف سياسي لهم ولا رؤية واضحة سوى السعى وراء إعادة تاريخ مضى عليه أكثر من 1400 سنة. هم يحددون من يستطيع الحياة ومن يستحق الموت. وانتشرت أفكارهم لتضرب خارج حدود سوريا والعراق وانتهكوا أمن الدول وتعدوا على ممتلكاتها وشعوبها. فهي طائفة لا يمكن التفاوض معها لأن عقائدها غير مرنة وأيضا لا يمكن اقناعهم بخطأ أفكارهم لذا فالسبيل الوحيد هو القضاء عليهم.
وجهة نظر لاجئ سوري
نفر من الصراعات والإضطهاد في أوضاع خطرة ونعيش ظروف لا تحتمل ونعبر الحدود بحثا عن الأمان. إن حرماننا من الملاذ الآمن سيعرضنا الى عواقب وخيمة. هناك العديد من القوانين تحمي أوضاعنا مثل اتفاقية 1951 وبروتوكول 1967 التي تحدد عدم طرد اللاجئ. نتطلع الى احترام حقوقنا الإنسانية والعيش بكرامة.
 وجهة نظر مهاجر سوري
أتينا بحثا عن تحسين سبل معيشتنا والحصول على تعليم وعمل أفضل. نتوقع ان يعاملنا بلدنا الجديد بكرامة وسنبذل الغالي والنفيس لتحقيق حلم بلدنا الجديد ونساهم في بناء مجتمعه وننسجم فيه. ولكننا في بلاد المهجر نعاني حتى نحصل على حلاً ماديا يرضينا. بعض المواطنين في بلدنا الجديد لا يثقون بنا ويخافون من المهاجرين وخوفهم نابع من الخوف من المجهول. اذا وضعوا انفسهم مكاننا فهل سيستحملون جوع اطفالهم كل يوم وهل سيستحملون ان تهدد حياتهم بالفقر والمجاعة والأمراض والعنف؟ ألا تتوق الى الحرية والأمل؟ عدم التسامح معنا سيشعرنا بأننا غير مرغوب بهم وإن ضاقت بنا السبل سنعود لنحفظ كرامتنا في أوطاننا التي هجرناها والتي سترحب بنا وتحمينا.
وجهة نظر محايدة
من البديهي أن تكون هناك وجهات نظر مختلفة ومتعارضة حول موضوع الإرهاب حسب ما يسميه البعض والثوار أو المعارضة حسب تسميات أخرى. يجب أن تعرض بشكل موضوعي وعادل ينصف الجميع.الكثير من وسائل الإعلام يعطي ثقلا أكبر لبعض النقاط ويهتم بوجهات نظر معينة حسب موقعه. لا يطرحون الحلول التي توفق بين الأطراف وإنما الإثارة الإعلامية مما تؤثر على قرار المشاهد وتكوين آرائه. لا يجب أن تغيب وجهات النظر الأخرى أو كتمان أخبار وحقائق عن المشاهد بسبب التحيز. يجب أن تحل المسائل بدون صخب إعلامي. يجب أن لا نتدخل في شؤون البلدان الأخرى ونحترم سيادتهم وكرامتهم. الصراع يحتاج الى تعقل. وللتوصل الى الحلول تحتاج الأطراف الى قدر كبير من التسامح والتنازل.
الكرامة نقطة الإلتقاء
عندما نتطلع الى وجهات النظر المختلفة هذه ، يبدو لنا فوراً أنها لا يمكن لها الإلتقاء. وفي اعادة قراءتها مراراً وتكراراً يمكن أن نلاحظ نقطة الإلتقاء في كرامة كل شخص في هذه المجموعات. إن أهم ما يملك المرء هو كرامته وهي تتمثل في كونه جدير بالإحترام والشرف. كل شخص يفتخر بنفسه وعائلته ومجتمعه وشعبه. فإذا ما أظهر كل شخص منا تقديرا لكرامة الآخر فإن عالمنا سيصبح مكاناً أفضل. جميعنا خلقنا متساوون ونستحق أن نعيش بكرامة. فالكرامة متأصلة لا تنتهك ولا يمكن أن تؤخذ منا من قبل أي قوة في العالم.
عندما تموت الكرامة عن طريق إنتهاكها وسلبها تموت أساسيات حقوق الإنسان ولا يعد لقوانين وآليات حقوق الإنسان أي معنى. فقد خلَقَ الله الإنسان بيده ، ونفخ فيه من روحه، وأسجد له ملائكته؛ إكرامًا واحترامًا. لقد خلقنا لنتعارف لا أن نَقتل ونُقتل. إن ما يميزنا عن غيرنا هو سلوكنا وفضائلنا وإلتزامنا تجاه الله وأنفسنا ومخلوقاته. هدفنا التعاون على البر والإحسان وليس الصراع والحروب والمصالح الفردية ، والتسامح وبناء المجتمعات وليس الإنتقام والتخاصم، وإعمار الأرض وإقتصادها وليس دمارها ، والعدالة الإنسانية بين الأمم وليس الإقتصار والتحيز لطائفة على أخرى ، وتبادل المعرفة وليس احتكارها. هذه أهداف سامية عميقة يجب أن تكون أهدافنا في هذا الكون ولتحقيقها يمكننا أن نسلك طرقاً عديدة مختلفة توصلنا الى نفس النتيجة لذا لا يجب أن نختلف على طرق تحقيقها

"ولقد كرمنا بني آدم" ، " إن أكرمكم عند الله أتقاكم" ، "فإستبقوا الخيرات."


الجمعة، 16 أكتوبر 2015

التحديات الأمنية لدول الخليج

التحديات الأمنية لدول الخليج

د. راشد علي السعدي

بادئ ذي بدء نسأل: هل لدى دول الخليج العربي استراتيجيات أمنية وطنية أو قومية؟
تنبع هذه الإستراتيجيات الأمنية من إستراتيجية الأمن الوطني للدولة وإستراتيجية الدفاع الوطني. فهل كل هذه الإستراتيجيات موجودة ومكتوبة وموزعة؟ فإن لم تكن يجب أن توضع حسب دراسات واقعية.
تُحدَدْ وثيقة استراتيجية الأمن الوطني بعد دراسات للدستور والرؤية الوطنية واستراتيجية التنمية الوطنية وخططها وكلمات القادة ، وتحاليل أمنية وسياسية واقتصادية واجتماعية للبيئة الداخلية والإقليمية والدولية . كما تضم أيضاً سياسة الدفاع الوطني ومهام القوات المسلحة الإستراتيجية وتوجيهات وزراء الدفاع لتنفيذها.
تحديات الأمن الوطني الخليجي
بدأت التحديات تواجه أمن واستقرار دول الخليج العربي من كل صوب خصوصا بعد ثورات الربيع العربي. تفرض هذه التحديات الجديدة على دول الخليج أن تستمر في بناء مصادر قوتها وتأثيرها الدولي والمساهمة في بناء نظام عالمي قادر على مواجهة هذه التحديات.
ومن هذه التحديات الكثير ، والمعقد ، لتشابكه وتداخل كل معضلة بمعاضل أخرى. منها على سبيل المثال، المد الشيعي والصراعات الطائفية، والتطرف الإسلامي السياسي، ومحاولات تقسيم منطقة الشرق الأوسط، وتأمين المصالح الوطنية المتنازع عليها مع دول صديقة وشقيقة أخرى، ومواجهة الأنظمة العالمية التي تحاول إبتزاز كل دولة وتشويه سمعتها وتفكيك مكوناتها.
أيضا، هناك تحديات الكثافة السكانية والعمالة الأجنبية وأمن المعلومات وما يتاح منها على الإنترنت والأمن الغذائي والمائي ورفع السعة الاستيعابية للرأسمال البشري وتأمين الطاقة المستدامة للمتعاقدين العالميين وحماية منشآت النفط والغاز.
علاوة على كل هذا، فقد إلتزمت دول الخليج أمام المجتمع الدولي أن تحافظ على السلام العالمي وأن تسعى لتحقيق العدالة الإجتماعية ومنع انتشار الاسلحة النووية ومحاربة التطرف والإرهاب والحد من انتشار ثاني اكسيد الكربون.
وأخيرا، تقتضي واجبات الدولة الاقتصادية التعامل مع عدم استقرار الاقتصاد العالمي والازمات المالية.
ليس بالأمر اليسير أن تواجه دول الخليج جميع هذه التحديات ، وفي نفس الوقت ، ليس بالأمر المستحيل أيضاً. ولكي تنجح ، يتطلب أن تبني الدولة إستراتيجية أمنية ودفاعية تربط مواردها ومصادر قوتها في حلقات متكاملة وتعزز وتحدث قوتها العسكرية وأهمها المصدر البشري الذي يعتبر أقوى الروافد التي تستطيع الدولة تطويرها وتوظيفها لتحقيق استراتيجيتها الأمنية.
نشتق من دساتير دول الخليج أن أدوار قواتها المسلحة الإستراتيجية في الدستور تركز على أن تقوم القوات المسلحة بحماية المصادر الطبيعية وممتلكات الدولة والمواطنين ويناط بها دور دفاعي في الحروب. أما في وقت السلم فدورها يكمن في التجهيز والتدريب وتقوية علاقاتها العسكرية الدولية والمحافظة على السلام.
كما توثق كل رؤية مستقبلية على التنمية البشرية وتشدد على بناء المواطن وتعليمه مدى الحياة وتأمين نظام الرعاية الصحية له. وتستلهم القوات المسلحة من ذلك أن تبني قدرات كوادرها لتصل إلى الإحتراف والإستقلالية في أعمالها وتغرس فيهم القيم الحميدة للإنتماء والمواطنة والإخلاص والتميز في العمل.
كما تهدف الرؤية إلى التنمية الإجتماعية ، والمحافظة على البيئة وإستدامتها ، وكذلك ، المحافظة على إقتصاد الدولة وإستثماراتها والإستغلال الأمثل للموارد. والمجالات كبيرة لتلعب القوات المسلحة دوراً كبيراً في تحقيق رؤية كل دولة إقتصاديا وإجتماعياً وبيئياً. 
استراتيجيات التنمية الوطنية
من استراتيجيات التنمية الوطنية لكل دولة خليجية نشتق أهدافاً تتعلق بالقوات المسلحة كما يلي:
  • حماية المنشآت الضخمة
  • تقوية القدرات المؤسسية
  • إدارة النتائج وربطها بالإستراتيجية
  • التخطيط الإستراتيجي للموارد البشرية
  • توسيع قدرات الموارد البشرية
  • تقليص الإعتماد على العمالة الوافدة
  • كوادر تتمتع بالصحة
  • توسيع القدرات الصناعية والأفق الإقتصادي
  • بنية تحتية متطورة
  • التدريب المهني

البيئة الأمنية التي تؤثر على دول الخليج
تصبح دول الخليج قوية عندما تلتزم بقيم المواطنين ومصالحهم وعندما يعرف كل مواطن حقوقه وإلتزاماته. أيضاً، تسود القيادة الرشيدة من خلال التعاون والمبادئ والتمسك بقيم الإسلام التي تنشر السلام. يجب أن تسعى دول الخليج لأن تبني قوة تحمي مصالحها الوطنية وترفدها بالمصادر الكافية لتحقيق أمنها واستقرارها وتركز على زيادة قدراتها العسكرية للإستجابة إلى المتغيرات الدولية من حولنا والتي لا يمكن التكهن بمخرجاتها.
وهنا ستطرح الفقرات التالية التحديات التي ستواجهها دول الخليج على النطاق الدولي والإقليمي والداخلي.
تحديات البيئة الدولية
العلاقات الدولية
بناء التحالف والتعاون العسكري مفيد ، ولكن يجب أن لا يعتمد عليه كثيراً. كذلك ، يتغير العالم بوتيرة سريعة لا يمكن التكهن بها ، لذا نجد أن الدول التي تدخل في صراعات مسلحة لا تتواجه مباشرة ، وإنما تتكتل مع عدة حلفاء أو تتجنب الصراع. ومن يتطرف ويشذ يخسر الدعم والقدرات. والأمثلة الواقعية كثيرة وآخرها وأهمها التدخل الروسي الذي صعق الجميع.
السياسة الخارجية
رغم حجمها ، لعبت دول الخليج دوراً كبيراً في الإطاحة بالأنظمة الديكتاتورية القمعية ابتداءاً من تونس وحتى سوريا. هذا النجاح الخارجي وغيره يعزز نجاحها الداخلي ويرفع من رصيد سمعتها العالمية. ولكن تحتاج أن تسعى لحلول مستدامة. لذا يتطلب الأمر الخبرة المهنية الكافية لمتابعة الجهود الرامية الى سلام واستقرار الشعوب.  
الأمم المتحدة
يجب أن تطالب دول الخليج العربي بالتغيير في أعضاء مجلس الأمن ليعكس حقيقة المشهد الدولي وأن تشجع الدول الصديقة على الإنضمام في مجلس الأمن إن لم تتوفر الفرصة لها.
المشاريع الإقتصادية
الاقتصاد يتحول من الغرب إلى الشرق ومن ضمنهم دول الخليج العربي. وتخلق الأعمال التجارية الناجحة في العالم غموضاً أكبر ، لذا فهي تسبب "دمار مبدع" للسوق خصوصا عندما تكون المصادر شحيحة بين المتنافسين ، فتخلق العداوة بينهم. يجب أن نقلل من أعبائنا بتمكين منظومات مثل الأمم المتحدة ومنظمة التجارة العالمية وصندوق النقد الدولي وغيرهم للتأكد من ازدهار واستقرار الدول الأخرى. إن فشل منظمة التجارة العالمية سيولد إحتكاراً اقليمياً للتجارة. وعليه فتكامل المنظومات سيقلل درجة الغموض وسيعزز الاستقرار.
الولايات المتحدة
تتمتع دول الخليج بعلاقات جيدة مع الولايات المتحدة الأمريكية. خلال الخمسة عشر سنة الأخيرة، اتسع نطاق التعاون ليشمل تدريبات عسكرية مشتركة والسماح بتموضع وتخزين المعدات العسكرية في بعض الدول الخليجية والحصول على قواعد عسكرية. أيضاً تتواجد القيادة المركزية الوسطى في قاعدة عسكرية بالمنطقة. ولكن هناك أمر واحد يزعج الإدارة الأمريكية وهو علاقة دول الخليج الدبلوماسية التي تسعى نحو التوازن مع دول الإقليم مثل ايران وروسيا، لذا يجب أن تتطلع إلى تعاون أوسع وأعمق مع الولايات المتحدة في جميع المجالات الأمنية والدفاعية وتحافظ على علاقة صداقة قوية معها فهي لا تزال الأقوى. 
حلف الناتو
تعاونت دول الخليج مع حلف الناتو في أزمة ليبيا ولديها خبرة في ذلك. يشجع حلف الناتو انضمام دول الخليج العربي في تعاون مع الحلف. يجب على كل دولة أن تتعاون مع حلف الناتو في عدة مجالات وتنقل خبرة ادارة الازمات ورفع القدرات الدفاعية والأمن البحري والدفاع السيبراني وتخطيط الطوارئ المدنية وأمن الطاقة. 
الصراع على المصادر الشحيحة
سيسبب الطلب على المصادر الشحيحة مثل المياه والغذاء التوتر والذي سيقود إلى مواجهات بين الدول.
الإرهاب
باتت ظاهرة الإرهاب تمثل خطرا كبيرا على الأمن القومي العربي والعالمي. ويتقارب الإتصال بين الإرهاب والجريمة المنظمة. وهناك فرق بين التطرف ومقاومة الإحتلال. التعاون مع من ينتشل الإسلام من براثن التعصب والتطرف هو الطريق الصحيح. من البديهي أن تطور دول الخليج من دفاعاتها التي تربك وتشتت العدو وتكشف عنه وعن نشاطاته. وتستأصل الإرهاب من جذوره. وتتعامل مع أسباب الإرهاب ومنها التهميش.
العوامل البيئية
ستزداد العوامل البيئية في أهميتها وسيطالب المجتمع الدولي بعض الإجراءات المتعلقة بحماية البيئة من دول العالم. ستلتزم كل دولة خليجية بتخفيض حصتها من الإنبعاثات الكربونية. وستعالج البيئة البحرية الحمضية وتأمين الحصة المطلوبة من الماء العذب. وهناك مخاطر صحية من ارتفاع درجة الحرارة وربما فقدان بعض الأراضي بسبب ارتفاع مستوى البحر. 
أزمات التنمية
تشكل أزمات التنمية ، كقضايا الفقر والبطالة والأمية والصحة العامة ، تهديداً للأمن الوطني والإقليمي ، وستؤدي إلى انتشار ظواهر اليأس والعنف والتطرف ، وبالتالي تهديد الاستقرار السياسي والإجتماعي. وهنا نؤكد على وجوب إيجاد نظام خليجي وعربي متكامل، من أجل تحقيق التقدم والرفاه للشعوب الخليجية والعربية. ويأتي ذلك عن طريق نبذ التعصب والطائفية وإستبدالهما بالتنسيق والتعاون
الأسلحة النووية
لا تشجع دول الخليج استخدام الأسلحة النووية ولكن استخدامها في توليد الطاقة مقبول وعليه ، ستتعاون مع جميع الدول التي تحاول منع انتشار الاسلحة النووية.
العولمة
سرّعت العولمة المسائل خصوصاً المسائل الإقتصادية والمالية مما يضطر كل دولة  خليجية والمنظومات الدولية إلى الإستجابة السريعة للتغيرات التي تحصل.
تحديات البيئة الإقليمية
ايران
الوضع مقلق لأمننا بسبب المطامع الإيرانية في المنطقة ومخططاتها التوسعية وبرنامج تسليحها النووي. ويعتبر الحصول على حصص إقتصادية من المنطقة هي من أهم أولويات ايران. وتتصارع ايران مع الولايات المتحدة الأمريكية بشأن ذلك. ولن تسمح الولايات المتحدة لإيران بإقتطاع حصصها الإقتصادية من المنطقة. ولهذا السبب ستعم المنطقة حالة من عدم الاستقرار وخصوصاً بعد التدخل الروسي في سوريا الذي يشجع العراق للتحالف معها. تكمن أهدافنا في منطقة مستقرة وتعاون أمين ومخلص مع إيران بشرط أن لا تهيمن إيران على المنطقة. ربما يصعب تحقيق هذا الهدف مع الحكومة المتعصبة الحالية ولكن ستكتشف ايران ان استراتيجياتها لا تتوافق مع الدول المهيمنة الأخرى في المنطقة وستتسبب في خسارتها سياسيا واقتصاديا وخسارة سمعتها. لا سبيل لإيران إلا التعاون مع دول الإقليم.
خلافات دول مجلس التعاون الخليجي الداخلية
تواجه دول مجلس التعاون الخليجي تداعيات الفوضى في اليمن وسوريا والعراق والإضطراب السياسي في مصر والتوجهات الطائفية وتراجع أسعار النفط. تتفق دول المجلس على ضرورة مواجهة الدولة الإسلامية في سوريا والعراق ومعالجة الفوضى في اليمن ، ولكن خلافاتها حول مصر وإيران والإخوان المسلمين لا تزال قائمة. لا بد من تعاون دول الخليج العربي في مواجهة التهديدات المشتركة في جميع أنحاء المنطقة. لذا عليها أولاً أن ترتقي بتجربة مجلس التعاون الخليجي لتلتقي مع طموحات شعوبها وتنبذ خلافاتها فوراً لأنها لا تقارن بالخطر المحدق.
العراق
تدعم العراق النظام في سوريا وهي ضد أنظمة دول المجلس خصوصا المملكة العربية السعودية. ولن تستقر العراق ان لم تشمل بعدالة السنة والأكراد والأقليات العراقية الأخرى في العملية السياسية. وبعد سقوط كركوك بيد الأكراد وحصولهم على منابع النفط والبدء بتصديره ، أصبح الأكراد قوة لا يستهان بها. وهناك احتمال وارد لتقسيم العراق إلى ثلاثة مناطق ، للشيعة والسنة والأكراد. لكن تقسيمها رسمياً لن يكون سلمياً. يعني ذلك أيضاً ، أن الولاءات تتغير بسرعة في المنطقة. وان دولة الخليج يجب أن تدعم جهود الحكومة العراقية عندما تشارك الجميع.
سوريا
يتعاون النظام السوري مع حزب الله وايران وروسيا في قتاله الأحزاب المعارضة. إلا أن الخوف من الدولة الإسلامية أضعف دعم الغرب للمعارضة السورية المعتدلة. وتأمل دول الخليج إلى التوصل لحل يكفل لسوريا استقرارها وأمنها وسيادتها الوطنية. وتعرف أن النظام السوري لا مصداقية لديه ويتميز بالتلاعب والتمويه. وأن الأسلحة الفتاكة والكيماوية تزيد معاناة الشعب السوري ولن تمنعه من نيل حريته. فالنظام السوري ليس جزءاً من أي حل يحدد مستقبل سوريا لفظاعة بطشه. كما تؤكد دول الخليج أنها ملتزمة اخلاقياً بالقيام بواجبها الإنساني تجاه الشعب السوري في مناطق اللجوء ، وتقديم كل أنواع المساعدات لهم وشد أزرهم في المصاعب الحياتية التي يعانون منها. من الضروري الضغط على روسيا من مبدأ التعاون الإقتصادي المثمر حتى تساهم في الحلول السياسية في سوريا من أجل التوصل الى حل.
تركيا
لا ترغب تركيا في تقسيم العراق. وهي حذرة من هجمات الدولة الإسلامية ولديها مخاوف من الإستقلال الكردي لأسباب منها التأثير على الأقلية الكردية الخاصة بها. ورغم استيلاء البشمركه على كركوك ، إلا أن تركيا بقت هادئة بسبب مصالحها من مصادر الطاقة شمالي العراق. كما قامت تركيا بتقديم الدعم للمعارضين السوريين. وتتوافق سياساتها الخارجية مع قطر والمملكة العربية السعودية ولدى تركيا مشاريع اقتصادية واعدة للمنطقة. وعلى دول المجلس استغلال المبادرات التركية والإتفاق بشأن تأسيس مجالس للتعاون الإستراتيجي بينها في المجالات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والمالية والاستثمارية، إضافة لمجالات الطاقة والأمن والعلوم والتكنولوجيا. في المقابل تحتاج تركيا إلى تنويع موارد الطاقة وعدم الإعتماد على روسيا وايران التوسعية. كما تحتاج دول المنطقة الخليجية الى خبرات تركيا في مسائل التأمين الغذائي وتنمية اقتصاداتها في افريقيا.
مصر
تجمع دول الخليج علاقة أخوة بمصر وتتمنى لها الأمن والاستقرار السياسي. يجب أن تهدف دول الخليج الى منح الحرية للشعب المصري وتطلعاته والحوار السياسي المجتمعي الشامل لتدارك تفاقم الأزمة في مصر.
اليمن
تعتبر اليمن دولة فقيرة مقارنة بباقي دول الجوار. ولم تنجح الكثير من وساطات الصلح بين الحكومة اليمنية والحوثيين. ان تعنت جماعة الحوثيين على عملية الانتقال السلمي للسلطة في اليمن يقوض مؤسسات الدولة ويزرع بذور الطائفية بين أهله. ولا سبيل لمشكلة اليمن إلا طاولة المفاوضات. الحاكم العادل هو من يستطيع أن يُآخي بين سني وشيعي ومسلم وعلماني ليحتكموا تحت قانون عادل.
فلسطين
تعرف دول الخليج جيداً في قضية فلسطين أن المفاوضات الحالية مع إسرائيل مشكوك في أمر نجاحها ولا بد من العمل مع المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل. كما تحاول حث العمل العربي المشترك والتعاون على إنهاء الحصار وتقديم المساعدات المالية لأهل غزة لرفع المعاناة وإعادة الإعمار ، وتغليب المصلحة الفلسطينية العليا على الإنقسام ، وإقامة الدولة الفلسطينية.
ليبيا
يجب أن لا تدعم دول الخليج الحل العسكري في ليبيا ولكن تقف مع الحلول السياسية من قبل كافة الأطراف. وعليها أن تؤكد دعمها ومساندتها لجهود الأمم المتحدة لتفعيل الحوار الوطني بليبيا والوصول لحل سياسي للأزمة بين المتصارعين.
الإخوان المسلمين
تعلن بعض دول المنطقة عن اعتقالات دورية تطال عناصر الجماعة على خلفياتهم تصب جميعها في تهديد الأمن والاستقرار والتآمر من أجل إسقاط أنظمة الحكم في دول الخليج. تحتاج أن تتطور علاقة دول الخليج الأمنية مع بعضها للتنسق فيما بينها بخصوص المخاطر والتهديدات الوطنية. في نهاية المطاف سيفهم الجميع ومن بينهم الإخوان المسلمين أنهم شعب عربي أو خليجي موحد ملتزمون بالتعايش السلمي والتعاون.   
تحديات البيئة الداخلية
التغيير
لا يجب أن ينظر إلى التغيير كتهديد. يجب أن ننظر إلى التهديد كفرصة لتحقيق الإستقرار. يجب أن نسعى لإستقرار الدول التي نؤثر عليها ونتأثر بها. يجب أن نتعاون مع المنظومات الدولية لأن لها تأثير على المستوى العالمي. ويجب أن نستكشف الآفاق ونحدد التغيرات المحتملة مستقبلياً ونتجهز لها.
الأمن السيبراني
يجب أن نوظف أفضل التقنيات المبدعة المدنية والعسكرية في العالم وأن نستفيد من أفضل تجاربنا في وزارات دول الخليج. يجب دراسة احتمال التعرض لهجوم سيبراني وأخذ اجراءات الحماية بهذا الصدد. يجب أن نحمي البنوك ومؤسسات الطاقة والإتصالات. لا بد وأن نتشارك في المعلومات السيبرانية على مستوى الوزارات في كل دولة ونتشارك مع شركاتنا المحلية المتخصصة لمنع الإختراقات. والأهم ، أن نوظف ونبني الكوادر الوطنية ونؤهلهم ليصلوا الى مستوى الخبراء.
تأمين معابر النفط والغاز المسال
تعتبر الطاقة عصب مواردنا وإنقطاعها سيؤثر على إقتصادنا المحلي. لذا يجب أن نحمي المياه التي ستعبرها ناقلات الإمداد. وسنتعاون مع المستوردين والجهود الدولية بهذا الخصوص.
القنوات الفضائية  
من الضروري أن تتميز قنواتنا الفضائية بمهنية محترفة لتكتسب أكبر التأثير والإنتشار. يجب ألا تجازف في إثارة غضب أو قطيعة الحلفاء والأصدقاء لأنهم السند والعضد. ومن الطبيعي أن تستغل دول الخليج هذه البنية التحتية الحيوية لإستقرار أمنها. يجب أن تستغل القنوات الفضائية لتثقيف الشعوب الخليجية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وتجعل إلمامهم شامل في القضايا العالمية وتحفزهم في لعب ادوار حسب امكانياتهم كدعاة سلام عالمي.  
المصالح والقيم
في هذا العالم ستتضارب مصالحنا وقيمنا وستكون أرضاً خصبة للتهجم علينا. يجب أن نسعى لإستقرار الدول الغير مستقرة ، ولإحتواء بعضها الآخر بعلاقات مستقرة واجراءات متعددة الطبقات لحمايتنا. يجب ان نسرع فورا لنبذ الاشاعات بالمعلومات الحقيقة من مصادرها.
الإبداع العلمي والتقني
تزداد سرعة الإبداعات العلمية والتقنية وتنتشر كوسيلة للدفاع عن الأمن الوطني وأيضا للهجوم على الأمن الوطني. سنأخذ بالحسبان تنظيم التقنية وسن القوانين لإستخدامها.
التغيرات الديموغرافية
الانفجارات السكانية في المنطقة تشكل ضغطا على البنية التحتية وتزيد من التمييز العنصري والحذف السياسي والبطالة. كل ذلك سيزيد من المجازفات وعدم الإستقرار والصراعات. لا بد من بناء البنية التحتية لإستيعابهم وتأهيل الكوادر الوطنية واستخدام التقنية كبديل للحد من هذا التوسع السكاني.
مخاطر الأمن الوطني الخليجي الرئيسية
بعد مناقشة تحديات البيئات الأمنية الدولية والإقليمية والداخلية يمكننا أن نلخص مخاطر الأمن الوطني الخليجي الرئيسية كالتالي:
  • تدخل أطراف خارجية في شؤوننا الداخلية
  • هجوم دولة أو هجوم صاروخي على أراضي دول الخليج
  • تفكك علاقاتنا مع حلفاؤنا الرئيسيين
  • حروب طائفية وأهلية وعدم استقرار دول الجوار
  • التجسس واختراق أنظمة معلوماتنا
  • انتشار الأسلحة النووية والكيماوية والبيولوجية
  • الإرهاب والتطرف السياسي والمذهبي
  • تخريب مصادر اقتصادنا في الداخل والخارج
  • اضطرابات داخلية عنيفة
  • ارتفاع في درجة الحرارة ومنسوب مياه الخليج العربي

بعد قراءة متأنية للنقاط التي ذكرت سابقاً والسيناريوهات المحتملة والتي يمكن أن تتعرض لها دول الخليج ، يمكن  تقديم رؤية وأهداف للأمن الوطني الخليجي لرسم التوجيهات الأمنية والاستراتيجيات الدفاعية
رؤية الأمن الوطني
نظام أمن وطني خليجي موحد وتعاون متكامل مع حلفاؤنا لتوقع التهديدات وحماية الوطن وتحقيق المصالح الوطنية.
أهداف الأمن الوطني
  1. سلامة وأمن المواطنين والمقيمين
  2. استقلال قرارنا السياسي وحماية السيادة الوطنية الخليجية
  3. حماية ثروات وممتلكات وأصول المنطقة الخليجية
  4. تعزيز التأثير الدولي ليخدم مصالح دول الخليج

الختام
كم من التحديات تواجه دول الخليج؟ لو عرفنا لنبذنا خلافاتنا الداخلية فوراً. تواجه دول الخليج تحديات ضخمة تتطلب تضافر وتكامل مصادرها البشرية والطبيعية لتحقيق طموحاتها. لا يوجد وقت كاف ليضيع دون تطوير هذه الكوادر ومشاركتها في بناء الأمن والاستقرار. والآن علينا معرفة الكيفية التي تحقق لنا الإستراتيجية الأمنية. وهي بسيطة التخطيط : توجيهات أمنية لوزارات كل دولة لتضع خططها الأمنية وخصوصا وزارات الدفاع التي سترسم السياسات الدفاعية وثم تصدر توجيهاتها لرسم خطط التنفيذ. حفظ الله دول الخليج العربي