الخميس، 22 أغسطس 2013

سيكولوجية القتل

سيكولوجية القتل

د. راشد علي السعدي
 
 

مقدمة وأهداف

لماذا تحدث جرائم القتل الفردية أوجرائم الحرب والإبادة الشاملة. لماذا أباد هتلر اليهود بينما سمح العساكر الألمان بوقوع تلك المذابح. لماذا تستباح الدماء بين الفصائل الفلسطينية أو العراقية أو السورية او الليبية واليمنية أو المصرية ليس على المستوى الدولي او الدولة أو القبيلة إنما على مستوى الفرد أيضاً؟ أسئلة لم تعطها الدراسات حقها خصوصاً من المنظور السيكولوجي. في هذا المقال سنناقش سيكولوجية القتل الفردي والجماعي والقاء الضوء على الأسباب الرئيسية وراء ذلك العنف المدني والحربي وسنحاول أن نحلل المبررات ونصل الى انعكاسات هذا التحليل على واقعنا الحالي المنقسم بعنصرية بغيضة عرقياً ودينياً وثقافياً وإجتماعياً. فعندما نوضح الأسباب بشكل مبسط سنتمكن من رؤية الحلول لواقعنا المعقد. وننوه أنه لا يمكن أن تطرح هذه المقالة أي توصية أو حل لأن مشاكل عصرنا الحالي متشابكة ومتشعبة التعقيد ولكل قضية توجّه يختلف عن قضايا أخرى وأحيانا حتى إن تشابهت. ولكن سيكون التركيز على توضيح العوامل النفسية التي تؤدي إلى العنف بغرض تجنبها أو إستخدام هذه المفاهيم السيكولوجية بصورة تنعكس إيجاباً على طبيعة الإنسان والمجتمع البشري.

سيكلوجية القتل الحيوانية

الانسان كالحيوان لديه غريزة القتل وغريزة البقاء. فالثور يقتل عندما ينطح من الجنب والفهد يعض حتى الموت. ولكن وجد كونراد لورينز في كتابه "حول العدوانية" أن الحيوانات من نفس النوع لا تتقاتل حتى الموت . انظر الى الغزال عندما ينطح غزالاً آخر بقرنه فهو ينطح رأساً برأس. أما أسماك البيرانا القاتلة عندما تتقاتل مع بعضها فهي تقوم بالضرب من الذيل وعندما تقاتل اسماكاً اخرى فتعض بأسنانها حتى الموت. اما في صراع الديكة فقد تم تدريب هذا النوع من الديكة لتقتل. مثلها مثل كلاب البيتبول التي يتم تدريبها لتقتل ويركز التدريب على تعليمها من هو العدو ومن هو الصديق وثم تدريبها بانتظام مستمر وفرض السيطرة عليها من خلال قيادتها وربطها. وبهذا التدريب حوّلنا هذه الحيوانات الى قتلة لحيوانات من نفس جنسها.  
أيضاً ، عندما نواجه بعضنا وجهاً لوجه يصعب ان تحدث عملية القتل كتلك الصعوبة التي يواجهها الحيوان أو الطير عندما يواجه خصمه فيقف على قدمية أويزأر أوينفش الريش ليصبح أضخم وعادةً ما تنتهي بهروب أحدهما بعد أن تكسر شوكة الضعيف الذي أخذ خطوةً الى الوراء دلالة على نقص الثقة. وفي المعارك دلت الأبحاث أن العدو عندما يهرب يكون القتل أسهل وأكثر كماً من خلفه. فمن منظور نفسي في حالة الكر والفر ، أو ما يطلق عليه استجابة التوتر النفسي الحاد ،  يواجه الشخص موقف مرعب نفسي أو بدني يقوم الجسم خلاله بتجهيز مصادره لمواجهة الموقف. فينشط الجهاز العصبي وتفرز الغدد اللمفاوية الأدرينالين الذي يرفع من دقات القلب وضغط الدم وسرعة التنفس. واذا انتهى التهديد يحتاج الجسم من 20 الى 60 دقيقة للعودة الى معدله الطبيعي.
 

النشوة ثم الألم
وجد دايفد جروسمان ان موضوع سيكولوجية القتل يصعب دراستة وفهم ما يدور في ذهن القاتل لان ذلك سر لا يفشى. من الطبيعي أن يشعر الشخص بالنشوة والنصر لأنه أنقذ نفسه أوحقق غايته ولكن هل هذا هو الشعور السائد عندما نتذكر الموضوع بعد الحادث؟  عندما نصطاد حيوان في البر نفرح فور سقوطه ولكن عندما نتوجه اليه نشعر بالشفقة عليه وهو ملقى غارق في دمائه وعيناه تحدق رعباً في أعيننا تنازعه سكرات الموت. منظر مؤلم نفسياً ربما قادنا الى الندم والى مشاكل صحية أخرى كالغثيان.
كذلك وجد جروسمان ان الانسان عندما يقتل في المعركة لأول مرة يكون الأمر صعباً ولكن مع استمرار عملية القتل ينتشي ويشعر بالنصر ثم ما يلبث بعدها ايام فيشعر بالندم والغثيان ومع استمرار الحياة يفكر في عقلانية الحدث وقبوله نفسياً واذا فشل الشخص يقع ضحية لمعضلة نفسية. ولكن ان كانت الأحداث القتالية مقبولة في المجتمع الذي ينتمي إليه فإن المجتمع سيرحب به ويقبله. هذا القبول هو ما يخفف عليه وربما يجنبه العقد النفسية المصاحبة لهذه الأعمال.  
إعداد القاتل
بعد الحرب العالمية الثانية ، كشفت دراسات علم النفس أن 2% الى 4% من الطيارين الأمريكيين يقتلون وأن 15% من المقاتلين الراجلين من يطلقون النار على الهدف المباشر بغرض القتل. فالطبيعة البشرية لا تحب القتل. بعد فهم هذه السيكلوجية وليتم إعداد المجند ليصبح مقاتل محترف تقوم قيادات الجيش والشرطة بتدريب المجندين على اهداف تأخذ شكل للإنسان يظهر فجأة ويجب على المجند ان يصوب عليه ويقتله بسرعة وبدون تفكير ليحظى بالعلامات. هذه التدريبات رفعت نسبة الإصابات المباشرة من 15% في الحرب العالمية الثانية إلى 55% في حرب كوريا. وإستمر التدريب في التحسن وتطور إلى أن وصلت النسبة الى 95% في حرب فيتنام. أما في حرب الفوكلاند فلقد حارب البريطانيين بنسبة 100% بينما كانت النسبة لدى الارجنتينيين 15 % . وهذا ما يفسر كيف استطاعت القوات البريطانية الصغيرة أن تكتسح قوات أرجنتينية كبيرة محصنة.
هذه الخبرة واجهتها شرطة امريكا في الستينات عندما زادت نسبة وفيات رجال الشرطة بسبب ترددهم في اشهار السلاح في وجه المجرمين. فبدأت الادارات باستخدام نفس الطريقة أعلاه بالتدريب على الأهداف التي تظهر فجأة والأهداف بالفيديو المتحركة وعلى الشرطي أن يتصرف بسرعة حتى يكسب النقاط لينجح والإ لن يقبل. وبهذه الطريقة يستخدم الشرطي مركز الاحساس والغرائز في منطقة الدماغ الوسطى.
من يتحكم : العقل أم الغريزة
ولتحليل ما يحدث في دماغ الإنسان نوضح أن مقدمة الدماغ (الفص الجبهي) هي المسؤولة عن المنطق والعقلانية وأن منطقة الدماغ الأوسط هي التي تسيطر على الغرائز والاحساس (هيبوثالاموس وغيرها من مراكز الإحساس والاستجابة- تعمل في حالات الطوارئ- ولا يوجد فرق حسب الأبحاث في عملية الاستجابة بين الكلب والفأر والانسان). وفي المعركة يحاول السياسيون والقادة فصل عمليات الدماغ ليأخذ السياسيون قرار الحرب بواسطة مقدمة الدماغ التي تبدأ بالعمل وتقرر أولاً ويدعون قرار التصرف عند بدء القتال للمحاربين الذين سيستخدمون الدماغ الأوسط عند وضعهم وسط موقف مرعب. فعندما تغضب او تخاف تستخدم هذه المنطقة فتتصرف كحيوان ولن تعد شخصا عاقل. ولكي نطلب من شخص ان يقتل يجب ان نضعه في وضع التفكير بعقله الوسطي عن طريق التدريب المفاجئ السريع المركز المستمر. نستطيع ان نخلص من ما ذكر أن الأعمال السياسية أعمال عقلانية وعليه إن توجه السياسيون الى خيار الحرب واستخدام العنف فهم يتحملون نتائج قراراتهم.
ولنسهل عملية القتل ، نصور العدو في شكل شيطان ولكن عندما نفعل فان المسائل تخرج عن السيطرة وينتج عنها عنف شديد واجرام وابادة اما في الحروب الحديثة فهي حذرة من شيطنة العدو ولكن تحاول القوات ان تشغل وتطفي استخدام وسط الدماغ كمفتاح كهربائي. ففي التدريبات يتدرب المقاتلون على صرخات كمجموعةٍ واحدة ، تصرخ المجموعة ككل صرخات ترفع من نسبة الأدرينالين مثل: "الله اكبر الله أكبر" وفي الغرب يصرخ البعض: "اقتل اقتل شعارنا الدم الدم."
جريمة القتل المدنية
عندما ينتقد القاتل بانه قتل النساء والاطفال والشيوخ فإنه في قرارة نفس يقول نعم قمت بذلك فعلا وتصيبه اضطرابات نفسية عميقة كامنة لا تخرج ابداً تؤرق مضجعه. عندما يُقتل صديق للشخص وهو يقاتل صفاً بصف معه يقول الحمد لله ان الضحية لم تكن أنا. ربما كانت البداية حمداً ولكن مع الوقت تصبح ندماً على خيانة الصديق ولو بالتفكير. ربما عاش مسالماً معذباً أو تحول إلى سفاحاً ضد المجتمع أو شخصية عدوانية بين هذين الطيفين. وهذا ما يقودنا الى مناقشة ما يحدث في القتال الفردي المدني والجريمة ضد المجتمع.
في الحرب الأمور تحت السيطرة. هناك تنظيم لإستخدامات الفص الجبهي ومنطقة الاحساس والغرائز بالطريقة المطلوبة اما في المدينة فاننا غير منضبطين لاننا تعلمنا القتل واستخدام السلاح ولم نتعلم كيف نستخدمه بانضباط . عندما نرى القتل بالسينما نضحك او نرى اعلانات بعدها لمأكولات شهية. فنحن ربطنا المعاناة والالم والعذاب والقتل بالمتعة . وعندما يلعب الاطفال والشباب في العاب الفيديو فانهم يحملون السلاح الذي يحاكي السلاح الطبيعي ويهتز ونضغط الزناد فنفجر رأس الشخص ونرى الدماء تسيل لتعلن أن اللون الأحمر أصبح مألوفاً. نعلمهم استخدام المرشح الثاني (العقل الأوسط الخاص بالغرائز والاستجابات) فالإستجابات تبنى بداخلك والتصرف حيال أي نوع من الإستجابة قد تم التدرب عليه وأصبح تلقائياً. وعندما يذهب مختل غاضب او خائف في الشارع وبيده مسدس وهو مغسول الدماغ بان المسدس للرجل ويحمي المجتمع من المجرمين فانه يقتل بدون تفكير واحيانا بمتعة. ونشاهد ونتفاجأ لماذا !!! ولا نعرف اننا اتحنا له هذه الوسائل ، علمناه ليقتل وعلمناه ان يستمتع بذلك. في المقابل هناك البعض الذي يفرق بين الحقيقة والخيال ولديه القدرة على التحكم بنفسه.
كأولياء أمور وكمسؤولين فقد وفرنا البيئة لأجيالنا لقبول العدوانية الشديدة والسلوك المتشدد العدواني عندما أتحنا لأطفالنا جميع الوسائل الترفيهية التي لا تفرق بين المواد المعروضة للكبار او الصغار. كمسؤولين في المجتمع نقوم بالسماح لعرض مشاهد العنف على قنواتنا الفضائية في الأخبار والأفلام ولم نجرِّم عارضيها. كساسة دولة وقادة عسكريين شاركنا أطفالنا ونساءنا وشيوخنا كضحايا في القتال بين الأحياء السكنية الآمنة. علمنا مجتمعاتنا على العنف والدم ومناظر بتر الجسد المؤلمة حتى أصبحت متعة نضحك عليها وأصبحت اغاني الفيديو كليب تتوشح بالدم والدبابة والارهاب. ومن ذلك نتعلم أننا غير مسؤولين لأننا لم نستخدم العقلانية (الفص الجبهي) وتركنا هذه الوظيفة لأطفالنا ليتصرفوا ويضعوا أحكامهم وقراراتهم في ضوء خبراتهم القليلة التي تكون أسرع وسيلة لديهم لحل المشكلات هي استخدام الغريزة (الدماغ الاوسط) عن طريق الإبادة او القضاء على الخصم. فهذه هي الأدوات التي لدى أغلبهم لأننا لم نعلمهم على أساليب التعامل مع حل المشكلات من منظور خيارات سلمية أخرى.
ولمناقشة موضوع الإنتحاريين نسأل : هل الانتحاريين يقومون بعمل سياسي عقلاني؟ وهل الذين يطلقون النار في الشوارع والمدارس على المسالمين مختلين عقليا؟ يعتقد آدم لانكفورد صاحب كتاب "خرافة الشهادة" ان الاثنان يشتركان بطبيعة إنتحارية فهم يخرجون ليقتِلون ويُقتلون.  فهم يعانون من مشاكل نفسية عقلية تتراوح امراضهم من الكآبة وحتى انفصام الشخصية (الشيزوفرينيا). ويعتقدون ان حياتهم دمّرت وأصبحوا الضحية التي قمعوها وحكموا عليها. لذا فإن احساس الضحية يتفاقم ويبالغ الموقف بسبب المرض النفسي. واذا لم تتم معالجة المرض ربما قاد ذلك إلى احساس المجموعة بأنها الضحية. وهناك سبب آخر للأعمال الانتحارية وهو السعي في سبيل مجدٍ ما وسيتم ثوابهم عليها مثل الشهادة.

قتل الجماعة أو الإبادة
ما يقلقنا في هذا البحث أيضاً هو أسباب العنف الجماعي ووحشية القتال والإبادة من قبل الدولة أو المجموعات. أشار بحثنا الى أن القتل الجماعي للدولة أو المجموعة يخرج عن النطاق الفردي ويتأثر برأي المجموعة. ولكي يحيا الشعب الأرياني ، كان على هتلر أن يبيد اليهود والأعراق الأخرى. فهل هذا جنون؟ ببساطة مخيفة : كلا... فقد قَتلوا للإستمتاع لأنهم يستطيعون ان يقتلوا وثانياً لا توجد أي تبعات إجتماعية ولا مساءلة قانونية. في هذه النوع من القتل تجتمع مجموعة حول معتقدات عرقية أو دينية أو إجتماعية مثل الوطنية ويكون التزامها للمجموعة اكثر منه للأخلاقيات والقيم. فالقتل الجماعي هو عمل بطولي لديهم. وهناك ضغط كبير للعساكر والقادة مثلاً يوجه لمن يستسلم بسرعة قبل نفاذ آخر طلقة لديه ويصفونه بالجبن او النعومة. تأثير الضغط الاجتماعي لقبول العنف يشكل سبباً رئيسياً لشحن المجموعة.
ومن الأسباب الأخرى للقتل الجماعي ايديولوجية جنون العظمة وبروز قائد مؤثر (كاريزماتي). وجنون العظمة (ميغالومانيا) هي المبالغة في وصف الإنسان لنفسه والذي يعتقد أن لديه قدرات استثنائية يستطيع ان يفهم الأمور أفضل من الآخرين بخلاف الحقيقة. ويصاحب ذلك جنون الشك وهو عبارة عن عملية عقلية تتأثر بالخوف من وجود تآمر وتهديد يصل الى حد اللاعقلانية والهلوسة أحياناً. ومن دلالاته الاتهامات الباطلة والانهيار في الثقة ، فالحادث البسيط يفسره مجنون الشك بأنه مفتعل. ومسبباتها الصدمات النفسية التي يتعرض لها الشخص في صغره أوسلوكيات غير طبيعية لدى اسرته تجعله ينعزل لتسيطر عليه افكاره وهذيانه. ان علاج هذا المرض يكمن في الاتصال الجيد. وايضا في اغراق المريض بتفاصيل ومواضيع ينسى بها الموضوع الرئيسي ويبدأ حياة جديدة في مواضيع أخرى. اما العلاج السلوكي فهو التوافق مع البيئة والمجتمع.
ونخرج من هذه المناقشة أعلاه أن الحل يكمن في الاتصال والتوافق بين الجميع حول مواضيع مختلفة وليس الموضوع الرئيسي. وعندما نفسر ذلك في مثال من واقعنا الملموس نجد ان الحل الأمثل للثورة المصرية والإعتصامات هو ليس نقاش أي من الأحزاب سيحكم مصر وأي منها سيحصل على المكاسب الأكبر ، إنما يكمن في مناقشة تفاصيل المواضيع المهمة لمصر من مناظير الأحزاب المختلفة والوصول الى إتفاق منها: السياسة السكانية والفقر والاسكان والصحة والتعليم والتنمية الاقتصادية والوطنية ... أي المواضيع المشتركة والمهمة التي هي هدف كل مصري. فلو فكرنا في ذلك بعمق سنجد أننا متفقون تماماً في غاياتنا وأهدافنا. فكل منا يتطلع لأفضل استراتيجية تعليم وأفضل الخدمات الصحية وهكذا.
هناك أسباب اضافية تقود إلى العنف الجماعي وهي الكلفة والخسارة العالية لمن يهرب. قديماً وحتى في عصرنا هذا ، كان من يهرب من أرض المعركة يعدم. ومن يستقيل يلاحق قضائياً ومن يعارض يخرج من المجموعة الحامية. كما أن وجود ما يسمى بالمليشيات وهي قوات غير نظامية تتبع القوات النظامية توفر الدعم المعنوي لقبول العنف الجماعي. أخيراً، فبعدم وجود أي رادع قانوني او تبعات اجتماعية يشجع القتل على أتفه الأسباب. علق طيار الماني عندما كان يقاتل جنود بولندا انه في اليوم الثالث من بدء القتال بدأ يستمتع وهو يقصف أهدافه خصوصاً المدنيين.
خلاصات مهمة:
اول خلاصة هي ان السياسيين والقادة هم من يضع الإنسان في بيئة ليصبح أداة لقتل أخيه الإنسان بتعليمه استخدام غرائزه وليس منطقه العقلاني. أما الخلاصة الثانية فهي شعور القاتل بالنشوة والنصر بعد القتل مباشرةً. والثالثة أن القاتل يحس بالألم وبتأنيب الضمير ان شعر بأن المجتمع يرفض أعماله. والخلاصة الرابعة توضح ان القاتل يعاني من مشاكل نفسية لاحقة عندما يفكر بانتهاك الاخلاقيات والقيم حتى وإن تم قبوله من المجتمع. وتشير الخلاصة الخامسة الى ان الأعمال السياسية أعمال عقلانية وعليه إن توجه السياسيون الى خيار الحرب واستخدام العنف فهم يتحملون نتائج قراراتهم. وخلاصتنا السادسة تحذر من تصوير العدو في صورة شيطان لأن المسائل ستخرج عن السيطرة. أما الخلاصة السابعة فتعاتبنا كأولياء أمور وكمسؤولين لأننا وفرنا البيئة لأجيالنا لقبول وتأصيل العدوانية الشديدة والسلوك المتشدد. والثامنة اختصارها ان القتل الفردي غير منضبط في استخدام العقلانية والغريزة. وخلاصتنا قبل الأخيرة أن من مسببات القتل الجماعي عدم وجود المساءلة والضغط الموجه لإتباع ايديولوجيات المجموعة وجنون الشك وجنون العظمة ووجود قائد مؤثر والكلفة القاسية لمن يهرب ووجود القوات الغير نظامية. وأخيراً ، أن الحل بين المجموعات المتصارعة يكمن في الاتصال والتوافق بين الجميع حول مواضيع مختلفة مهمة للمجموعات والأطراف وليس الموضوع الرئيسي للأشخاص او الطرف الواحد.



مد الجسور بين قطبي الصراع

فهل من الممكن أن نخرج بتوصيات تجنبنا العنف الوحشي والقتل الجماعي أو الإبادة؟ في سعينا لفهم النفسيات المتصارعة وجدنا أن هذا الأمر صعب للغاية لأن الأيديولوجيات كثيرة ومتغيرة ومحاولة علاج كل واحدة على حدة يكاد يكون شبه معقد ومستحيل أن يخرج بنتائجه هذا البحث البسيط. ووجدنا تشابه بين الأطراف المتصارعة يكمن في بعض القيم التي تتراوح بين المحافظة والتحرر. أي أن هناك من الأحزاب والعقليات والأفكار التي تتمحور حول أوتميل الى الشخصية والقيم المحافظة. وأيضاَ هناك من يميل إلى الشخصيات والقيم المتحررة. طبعاً سنجد مجموعات يقعون بين هذين القطبين. ووجدنا أن أغلب الصراعات تدور بين الحفاظ على الموروثات والعادات والدين وبين الحرية والتحرر والحداثة. أي بين المحافظ والليبرالي.
في كتابه "العقل الصالح : لماذا ينقسم أفضل الناس حول السياسة والدين" يقول البروفيسور جوناثان هيدت ربما كان المحافظين لا يحبون المتحررين ولكن يفهمونهم ، وفي المقابل فان المتحررين يعتقدون ان تصويت المحافظين خطأ ومشوش. يعتقد المتحررون أن الاخلاقيات تنبع من ثلاثة قيم يتمسكون بها وهي: العناية بالضعيف ، العدالة ، والحرية. ويشارك المحافظين اللبراليين هذه المبادئ رغم انهم يفسرون العدالة والحرية بطريقة مختلفة. ويضيفون عليها ثلاثة مبادئ أخرى وهي: الولاء والإحترام والتقديس.
من يصوت للمحافظين فهو ليس غبي ولكن يصوت لمصلحته الأخلاقية. ولنضرب مثل: تضع وزارات التعليم التي تأثرت بالليبرالية أنظمة تشجع الطالب على مقاضاة المعلم. وهذا يتناقض مع هدف من اهداف التعليم وهو الاستفادة القصوى من وقت الدرس. فهذه الأنظمة تدمر سلطة المعلم في الفصل وتقود الى بيئة غير منضبطة.
يتفاجأ الليبراليون عندما يفوز المحافظون في الانتخابات ويزعمون أن قيادات المحافظين المتسمين بضيق الأفق قد خدعوا الشعب. يجادل جوناثان هيديت وجورج لاكوف ودرو وستون ان الانسان بطبيعته حدسي وليس عقلاني. فإذا أردت ان تقنع الآخر يجب ان تستخدم اسلوب العواطف التي تؤثر فيهم. فطبيعة تكوين الدماغ توضح ان العقل البشري يصل الى الخلاصة أولاً ثم يبحث عن الاسباب لتبرير لهذه الخلاصة. وليس العكس.
لذا نشتق ان السياسيين يجب ان يستشعروا أحاسيس الشعوب لينجحوا. وان الليبراليين يجب ان يتحركوا بحذر ويحافظوا على الموروثات والتقاليد. وعلى المحافظين ان يسمحوا لأفكار الليبراليين ليس لغرض الفوز بالانتخابات او ما شابه ذلك ، انما لتوجيه الحكومة والمجتمع للتأقلم مع الطبيعة البشرية. فنحن على استعداد لتحدي افكار الآخرين ولكن نتخاذل ونتكاسل عن تحدي معتقداتنا.
إن الحل هو بناء مجتمع يستطيع أن يوظف الحدس والمنطق من خلاله ليتفاعلا بطريقة بناءّة. نحتاج ان ننشئ مواطنين يشعرون بأحاسيس الآخرين كما نحتاج الى وقت لتأمل المسائل لأن التأمل ولو لوقت بسيط سيحدث الفرق. وثالثا يجب ان نهدم الجدار الفاصل بين معتقداتنا.  الحلول السابقة صعبة التحقيق للغاية ولكن يمكن ان تتحقق بأن يتأخر بعض المحافظين في التصويت عندما يستشعروا ان الليبراليين سيفوزون بالانتخابات وثم يصوتوا لمرشح ليبرالي معتدل. حل آخر يتمثل في تصويت الجولة الثانية عندما يخسر المرشح الذي حظى بأقل الأصوات ويخرج من دائرة المنافسة.
 
ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما
سورة النساء اية93
المراجع:
Grossman, Dave. On Killing: The Psychological Cost of Learning to Kill in War and Society. Back Bay Books, 2009. Print.
Sarah, Kershaw. The Terrorist Mind.  Week in Review – Article. New York Times. January 9, 2010.
Lankford, Adam. What Drives Suicidal Mass Killers. Opinion. New York Times December 17, 2012.
 
 

السبت، 17 أغسطس 2013

إدارة الصراع

ادارة الصراع
ماهية الصراع
تعصف بنا صراعات على جميع المستويات وتشمل صراعات في البيت والعمل وبين افراد المجتمع والشعوب. جميع هذه الصراعات متشابهة في التكوين والهيكلة. فالصراع عبارة عن مشكلة إتصال بين الطرفين أو الأطراف المتصارعة. فنحن في صراع يومي بسبب عدم انسجام افكارنا او معتقداتنا او مصالحنا لأجل مكاسب أكبر.
ويعتبر الصراع صحي لأنه يولد الإختلاف في الأفكار ويقود الى الإبداع في وضع الحلول. ولكن إن إستمر بدون توافق الأطراف أو الوصول إلى حلول ترضي الطرفين فمن الطبيعي أن يقود ذلك إلى الخصام أو النزاع أو الجدال حول الأفكار والمعتقدات والمكاسب.
نحن بشر ولدينا حاجات ورغبات وأهداف وقيم. وهناك مصادر لا نستطيع الوصول إليها ولكن نسعى بإتجاهها. وفي سعينا لها أو بعد الحصول عليها ، ربما نشأت الصراعات حولها. وعادة يتطلب الصراع الى ثلاثة ظروف تنشأ في نفس الوقت:
1.      الحرمان: وهو إعتقادنا أن هناك من قام بحرماننا من شيئ نحتاجه أو نرغب فيه
2.     المتسبب: الإعتقاد أن هناك من يلام على حرماننا هذا
3.     القانون: ان هذا الحرمان غير قانوني في قانوننا الاجتماعي
أساليبنا في التعامل مع الصراع
وقد تصبح المسائل معقدة يصعب حلها بدون تنازل الأطرف من بعض مكاسبهم. فكيف تتم الإستجابة ويدار الصراع ؟ ولكن قبل ذلك يجب أن نفهم ردة فعلنا لهذا الصراع لنبني الوعي والفهم ومن ثم نبني قدرتنا على طرح الخيارات:
1.     الكبت: نحن نكبت ما في أنفسنا ولا نعلن عنه ونحذر الآخرين من إفشائه. وبهذا نغلق أي مجال للحلول لأن ذلك لا يكون مريحاً لنا
2.     التفادي: نتجنب الطرف الآخر ونتفادى حتى التطرق الى افكارنا الحقيقية ونلجأ الى الأفكار السلبية والأصدقاء وآخرين لإثبات حجتنا التي تتلخص في أنهم على خطأ ونحن على صواب.
3.     الحل: اسلوب من اساليبنا في ادارة الصراع هو محاولتنا الجادة ان نفهم لماذا حدث هذا كله. وثم نتشارك في وضع الحلول.
4.     التغير: من اساليبنا ايضا هو ان نتغير ونستخدم الصراع لتطوير علاقاتنا مع شريكنا في الصراع. يصبح شريكاً وليس خصماً. إن ذلك يتطلب منا شجاعة كبيرة.
5.     التسامح والتجاوز: نتخطى مرارة الصراع وآلامه ونسمو فوق خلافاتنا
ولكن عادتنا في اغلب الأحيان هي اللجوء الى اسلوب المشاكسة وحل المسائل من منظور مصالحنا بدون رؤية مصالح الآخر. ونلجأ الى التذلف والمجاملة وتصل الى الاستجداء احيانا في الحصول على ما نريد. وايضا نستخدم الوعود. فنقدم وعداً بعمل شيئاً مقابل حصولنا على حاجتنا. وهناك اسلوبنا في استخدام قدراتنا على الاقناع وثني الآخر عن موقفه. وفي اغلب الأحيان نلجأ الى اساليب سلبية أكبر مثل وصم الآخر بالعار (انت غبي، أنت مخادع ، انت فاسد) وهو اسلوب بغيض يمزق علاقاتنا. ونستخدم التهديد اذا لم يقم الطرف الآخر بتنفيذ ما نطلب. وايضا نكسر القوانين او نعدلها حتى تصب في صالحنا. وأخيراً نلجأ الى القوة الجسدية مثل الضرب والركل والعنف او الحرب او الارهاب.
اذا ما فهمنا الاساليب اعلاه فاننا سنعرف اسلوب الخصم ان لجأ اليها ايضاً وسنعرف انها أساليب سلبية وسنطور قدرات أفضل للوصول الى حلول بناءة.
طبيعتنا التحيز
عندما ينشأ جدال يقود الى صراع او العكس فاننا فورا نستخدم ما يطلق عليه "تحيزنا الفكري الغير مرئي" وهو الإحادة عن جادة الصواب وينطلق تلقائياً بدون وعينا. فمثلا ، عندما يلومنا شخص عن تجاوزنا لبعض القوانين يكون ردنا دفاعياً مثل: لن توافق ان طلبت منك. وهذا تخمين بناءاً على خبرة سابقة. واحيانا نحكم على الشخص خطأ بأن أهدافه شيطانية عندما يلومنا أو يعاقبنا على بعض الأخطاء ولا نقدم له العذر. او يكون لدينا انطباع سابق عن الشخص ولم نختبره لنتأكد. او انحيازنا لمصالحنا التي تعمينا عن رؤية مصالح الآخرين والسعي وراء اخذ سمعة وشهرة للنجاح اكبر من تلك الخبرات الفاشلة.
عندما نفهم تحيزنا جيداً فاننا سنتوقف فجأة ونتراجع لنفسح المجال لنظرة الطرف الآخر والذي سينعكس ايجاباً على حل الخلافات.
كيف اذا نتعاون وما هي مبادئ التعاون في هذا الصراع؟ من طبيعة الانسان ان يعامل الاحسان بالاحسان. فان احسنت الي سأحسن إليك. اما اذا تعاملت بعدائية فمعاملتي ستكون بالمثل او اشد. هنا يجب ان تعرف بالضبط ما يمكنك ان توفر للطرف الآخر وما هو طلبك. ايضا لن تتكامل شخصيتك وقيمك الا بعد ان تفي بما توعد. سنتعاون اكثر ان كنا مقبولين اجتماعيا ضمن مجموعتنا ويجب ان نسعى لتحقيق ذلك. كما ان الاشخاص الذين يشبهوننا في الطباع الشخصية او الميول سنتعامل معهم بطريقة افضل.  
خطوات حل الصراع:
اذ واجهت صراعاً في عملك او حياتك الشخصية يجب ان تحدد مقدار الألم والضرر وقدرتك على التعامل مع هذا الصراع. فاذا كان الالم كبير والقدرة ضعيفة فيجب ان لا تهرب وواجه الموقف بطريقة تقوى قدراتك على التعامل مع هذا الموقف وتقلل من الالم او الضرر او الخسارة تدريجياً. كيف يكون ذلك؟ يكون في خطوات حل الصراع.
أولا: تحديد طبيعة المشكلة
عندما نوجه اللوم الى بعضنا البعض فلن نصل إلى أي حل. يجب ان نحدد طبيعة الاختلاف ان كانت تتعلق أ) بعلاقاتنا او ب) خلاف على اجراء أو ج) انطباع. مثلاً ان اكتشفت ان المسألة تتعلق بإجراء فيجب ان تحدد ما هي القيم او التفضيلات او الاحتياجات التي انتهكت. ثم اطلب لقاء الشخص في مكان خاص لمناقشة الموضوع. لا بد وان نعذر الشخص الآخر وأن ننطلق من الواقع الذي يبرئ الشخص من الادانة وان الشخص لم يوجه ما فعله لنا شخصياً. وعندما تلتقي الشخص فان اول ما يجب ان تفعله هو الاصغاء لما يقول بدون ان تقاطعه. لان ذلك سيجعلك تكتشف ضمن اقواله الحلول للمشكلة التي لديه والتي لن يصعب عليك حلها. ثم اعد صياغة ما قال للتأكيد على فهمك الصحيح لما يقول.
ثانيا: بناء الثقة
عندما تحمى المناقشة ، قف وإبطئ من سرعة الوتيرة وقم بإدارة نفسك لان ذلك الامر الوحيد الذي يمكنك السيطرة عليه في هذه المرحلة. لا تستخدم اللوم وعوضاً استخدم عبارات تشرح فيها شعورك مثل: "أنا غاضب" بدلاً من "انت تغضبني" او "اخشى ان لا يفهمني أحد" بدلا من "أنت لا تفهم." أيضا: طبق الاستماع بانتباه ثم أعد صياغة حديث الآخر حسب فهمك حتى تتضح الأمور. ثم ركز على الحاضر وليس الماضي. وركز على مسؤولياتك.
ثالثاً: الأسئلة التشخيصية
تتضمن الاسئلة التشخيصية ببساطة: من؟ ماذا؟ متى؟ أين؟ لماذا؟ كيف؟ فعند غياب هذه الاسئلة التشخيصية نقوم بالتخمين وهو أسوأ ما يمكن حدوثه.
رابعاً: تأطير الإستراتيجية
يجب ان تكون المناقشة ناعمة على الناس وقاسية على المشكلة. واول استراتيجية هي ان تنتقل من الصراع الى حل المشكلات. قف وإهدأ وخفض نبرة صوتك واطلب من شريكك ان يفعل نفس التصرف. ثم انتقل من بيئة من هو على خطأ او صواب الى بيئة الأهداف المشتركة. بعدها انتقل من مرحلة عدم التعاون الى مرحلة التعاون. كن انت من يبادر. انتقل بعد هذه الخطوة من مرحلة الكسب الى مرحلة الخسارة. تبدو الخطوة شاذة ولكن نفسياً سيتنازل لك الخصم ان شعر بأنك تخسر. واخيراً انتقل من الماضي إلى المستقبل. اعتذر ان أخطأت.
خامساً: طرح الحلول والبدائل
قبل ان نتعامل مع الحلول يجب ان نحدد متطلباتنا الثنائية ومشاكلنا بالضبط، لنا ولشريك النزاع. ان سؤال الطرف شريك الصراع هذا السؤال: ما هي متطلباتك التي ستجعلك سعيدا؟ اذا كانت هناك افكار لا تسمح بتقدم النقاش احذفها.
سادساً: الحصول على الموافقة
نركز على ما نتفق عليه وليس على خسارتنا. يجب ان تلخص التفاصيل والاجراءات والوقت ومتى ستحدث وكيف سيكون الاتصال. وبعد الاتفاق كرر ما تم الاتفاق عليه واشكر شريك الصراع على تعاونه والتزامه.
 
...لا تدع تخميناتك تقودك ...

الاثنين، 29 يوليو 2013

نحن لا نتشابه

نحن لا نتشابه



نعيش عالماً تطرف منذ مئات السنين تأصلت فيه روح القبيلة وتأثر بخطاب منابر الجمعة وأصبح متعدد المذاهب رغم ديانته المشتركة فالسني يُكفر الشيعي والشيعي لا يرى السني الا عدوه اللدود كما ان السني من مذهب متشدد مثلاً يستبيح دم السني من مذهب مختلف والعكس صحيح. وفي عصرنا جاءت وسائل الشبكات الاجتماعية المختلفة لتُفرِّق المذاهب اكثر فأكثر. 

وتخرج علينا شخصيات تزعم بأنها علمانية تنادي بفصل الدين عن السياسة واخرى ليبرالية تنادي بالعدل والمساواة وآخرون لا دين لهم ولا تتلاقى آراؤهم . هذه الافكار تقوم على مبادئ التسامح واحترام كرامة الإنسان وضمان حقه بالحياة. وللأسف بعضهم لا يطبق ما تنادي به شعاراتهم على خصومهم فتعتبرهم نكرة يحق عليهم القول فلندمرهم تدميراً. 

ان مشاكل التعايش السلمي بين شعوب الدول العربية تقود الى خلاصة تكمن في أمر واحد فقط وهو الامر الذي يفاقم الفجوة ويزيد من تصدعها.  فكلا الطرفين يعتقد بما لا يقبل المساومة ان الحل يكمن في ان يتغير الشخص الآخر حتى أقبله "وليس أنا" لأنه هو على خطأ "وأنا على صواب" فليوافقني والا لن نتصالح. ويقوم بتبرير موقفه بشتى الوسائل التي تصل احياناً الى مواقف كرتونية مضحكة تتجاوز المنطق والطفولة او أخرى دموية بلا اعتبار للكرامة الانسانية وحق الحياة المتبادل.  

نحن لا نتشابه ! نختلف في البيت الواحد. عندما نخرج الى مطعم كل شخص يطلب وجبة مختلفة. هناك من يحب الاستماع الى قارئ قرآن بصوت رخيم وآخر لا يحب الا صوت قارئ بنبرة حزينة. من يسمع الاغاني يوافق ان ذوق اخوه او اخته او قريبه او صديقة يسمع لمطرب مختلف. خلقنا الله مختلفين. الاختلافات تولد الابداع ! وليس التناحر والعداوات. عندما اختار ان اعمل عملا يناسب شخصيتي او البس لباساً اشعر بالراحة فيه او أقيم شعائر وجدانية انا على ايمان بها او آكل وأشرب ما اتلذذ بطعمه واتزوج المرأة التي ارتاح معها ، فكل هذه الامور تجعلني سعيداً. نعم سعيداً وهو الهدف الذي انشده في حياتي. 

 لنوقف الانتقادات والعنف فكل شخص غير معصوم عن الاخطاء وكل مذهب به ما به من التناقضات . نحن سننجح اذا ركزنا على ايجابيات خياراتنا وحاولنا العثور على الايجابيات المشتركة . والمفاجأة انها اكبر بكثير من اختلافاتنا. فنحن نحب الخير والاحسان وفي قلوبنا رحمة ومستعدون لبذل الغالي والنفيس في سبيل من نحب. نتمنى ان يعم السلام في بلادنا ونحلم بالمواطنة الصادقة والتكاتف والاخوة والجيرة والمجتمع المتماسك. 

من اجل ذلك لنختلف ولنركز على إيجابياتنا ونبدع ونحترم بعضنا ونفهم ان غيرنا له الحق في هذه الحياة ومصادرها كما هو لنا.  

الخميس، 27 ديسمبر 2012

اقتصاد المعرفة

اقتصاد المعرفة
يعني اقتصاد المعرفه باستخدام تقنية المعلومات مثل هندسة المعلومات او ادارة المعلومات لانتاج عوائد اقتصادية وتوفير وظائف جديدة.
واذا اردنا ان نتوسع او نتخصص اكثر فالتخصصات التالية تشملها:

التخصصات التي تدرّس في الاقتصاد المعرفي
هندسة المعرفة Engineering Management
ادارة المعرفة Knowledge Management
الادارة العلمية Scientific Managenent
الاقتصاد المعرفي Knowledge Economy
الابداع Innovation
ادارة الابداع Innovation Management
الاقتصاد الصناعي Industrial Economy
الادارة اللوجستيه Logistics Management
الاقتصاد الشبكي Network Economy
العولمة Globalization
تقنية المعلومات Information and Communication Technology
الاعلام الحديث New Media
ادارة الرأسمال البشري Human Capital Management
السياسات المعرفية Knowledge Policy
الاقتصاد الرقمي Digital Economy
سلسلة القيمة المضافة المعرفية Knowledge Value Cain
الاسواق المعرفية Knowledge Markets
اقتصاد الانترنت Internet Economy
اقتصاديات التعلم Learning Economy
تقنية النانو Nanotechnology
التكنولوجيا الحيوية Biotechnology
التنافسية Competitiveness
الافضلية النسبية Comparative Advantage
الادارة المالية Financial Management

لا يوجد تعريف واضح لاقتصاد المعرفة فكل تعريف يحدد وجهة نظر معينه ولكن كخلاصة يعني باستخدام المعرفة بقصد زيادة لتكون فاعلية واقتصاد اعمالنا وخدماتنا واجراءاتنا. فقديما كنا نركز على كفاءة الانتاج الصناعي اما اليوم فتركيزنا ينصب على المعلومات خصوصا الابداع في تغيير اجراءات عملنا للأفضل.

يجب ان لا نغفل ايضا ان التخصصات الاخرى تخدم الاقتصاد المعرفي ونعرف ذلك عندما نقيس مخرجات الدولة لنرى فاعلية هذه المعرفة. ونقيس طبعاً مدى فاعلية:
ادارة المشتريات
ادارة المجازفات
الادارة اللوجستيه
تطوير المنتوج
الادارة المالية
التدريب
ادارة القوى البشرية
المشتريات والمبيعات
الاستراتيجية وتطوير الاعمال
اجراءات التشغيل والانتاج
خدمات واسناد العميل
ادارة المعرفة

وثم نركز على التخصصات التي نحتاجها من التي تم ذكرها لكم سابقاً او تخصصات مساندة لها.

مثال: اذا كانت دورة ادارة المشتريات طويلة ومكلفة فهي تمثل مجالاً يجب تطويره بابتعاث دارسين في برنامج الاقتصاد المعرفي او برنامج ادارة المشتريات او دراسات بحثية في الاسواق المعرفية

اذا كانت دولة قطر تخطو نحو الاقتصاد المعرفي اليوم وبالامس نحو العولمة وقبلها نحو الانتاجية والكفاءة والفاعلية وفي المستقبل نحو الشبكات وعناقيدها وغير ذلك من المفاهيم الرنانة فانها يجب ان تنظر داخل هذه المفاهيم لتجد ان جميعها يركز على تطوير الرأسمال البشري اي تطوير الفرد لينهض بالمؤسسة او الأمة وذلك عن طريق المعرفة الحديثة المتوفرة.
ومعنى ذلك ان تركز قطر على تلك التخصصات التي تؤثر في الناتج المحلي للدولة مثل صناعات البترول مثلا وتختار التخصصات المرغوبة والتي يعتمد عليها انتاجها. واليوم دخلت قطر الى مجال الخدمات والاقتصاد المعرفي وركزت كثيرا على الخدمات المالية والمصرفية ولكن اغلب مداخيلها من انتاج الغاز والبترول. اي يجب ان لا تنسى وتغفل هذه الصناعات الحيوية. نعم ان مجال الخدمات مهم ولكن ما نسبته مقارنة بالصناعات. هذا امر
والامر الآخر: ما هو المستقبل؟ فنحن نعرف ان الغاز لن ينضب الا بعد ٢٠٠ سنه. وستستمر هذه الصناعة معنا تحتاجها معظم دول العالم. وكذلك الطاقة البديلة والتكنولوجيا الحيوية وتقنية النانو وجميعها حقيقةً تدخل في الصناعات وليس الاقتصاد المعرفي. اليس من الاجدر ان تهتم قطر بهذه العلوم والصناعات؟
طبعاً الخدمات مهمة وفي دول متقدمة تمثل ٤٠٪ من الدخل القومي. واذا ارادت قطر ان توظف الاقتصاد المعرفي في تطوير خدماتها فيجب ان تحدد مفهوم الاقتصاد المعرفي لديها لانني ارى ان بعض مؤسسات الدولة المهمة لديها مفهوم مشوش ومختلط بالمنتوجات الوطنية ايضاً.

وهذا السؤال المهم جداً لا تتم الجابة عليه في معظم مؤسسات الدولة عند وضع خططها: ماذا تريد قطر او ما هو احتياجها؟ ويستبدل بالسؤال: ماذا يريد المسؤول او مستشار المسؤول؟

الاول اجابته تتضح بعد الدراسة العلمية لمدخلات ومخرجات الدولة وكفاءة الانتاج ومستقبل الدولة ضمن المتغيرات الاقليمية والدولية حولها. والثاني نتركه لكم فانتم تعرفون اجابته.

الخميس، 20 ديسمبر 2012

اعتراف غنيمة الفهد

غنيمة الفهد: السعوديون أرجل الرجال

العنوان أعلاه صدر قبل خمس سنوات وعلقنا عليه متفاعلين. وإتضح أنه مزور. وأشكر أم سامي التي علقت بالتالي:

سيدي،

بكل استياء، قرأت أن المقال الذي علقتم عنه عام 2012، ينسب الى المرحومة غنيمة فهد المرزوق ، المحررة الرئيسية لمجلة أسرتي الكويتية بينما صدر عن امرأة يبدو أنها مختلة عقليا و هي السيدة غنيمة فهد. و ما أثار غضبي، بغض النظر عن الرداءة في الفكر و سطحيته هو أن التزوير لم يلاحظ من طرف القراء و منشطي المواقع إلا فيما يخص جنسية الرجل الذي تمدحه. و لا أحد اهتم باحتيال هذه المرأة و تقمصها شخصية غير شخصيتها. و أي شخصية. رئيسة تحرير مجلة أسرتي الراحلة الكريمة و المحترمة الاستاذة غنيمة فهد المرزوق الملقبة أيضا بأم الخير.
يا لها من منزلة. لم أكن أتصور بأن المستوى الفكري و الخلقي في بعض بلدان الخليج انحط إلى هذه الدرجة.

كان عليكم سيدي، كباحث و مثقف التحقيق أولا في هوية هذه المخلوقة الغريبة التي تظهر على اليوتوب في أبشع الصور بالنسبة لي كامرأة و محترمة. و أيضا كمثقفة تغار على صورة المرأة و صورة الرجل في البلدان العربية.

هل يمكنكم تصليح هذا الخطأ و الظلم الفادح في حق ذاكرة الفقيدة؟

جزاكم الله خيرا.

سلام عليكم.


أم سامي 

الفاضلة أم سامي : أتفق معك وحذفت التعليق إكراما وتأسفاً

الخميس، 6 ديسمبر 2012

عزوف الطلاب عن التعليم العالي: حوافز نظام ام حوافز ذاتيه؟

عزوف الطلاب عن التعليم العالي: حوافز نظام ام حوافز ذاتيه؟
 
ذكر تقرير (اين الشباب القطري عن التعليم العالي) في "قطر اليوم" عدد نوفمبر ٢٠١٢ ان السبب هو تدني الحوافز لدى الطالب المواطن.
وركزت اول ست توصيات من الدراسة (١٢من أصل  توصية) والتي شاركت فيها شركة بوز وشركاؤهم الاستشارية على رفع مستوى الحافز لدى المواطن وكأن المشكلة في شخص وليس نظام. 
وحتى توصيات الدراسة التي ركزت في رفع مستوى الحافز لدى الطالب لم يكن لها أي داع لأن الأنظمة تستطيع معالجتها عندما تطبق آليات التنفيذ والقوانين المرسومة بالشكل الصحيح. مثلا عدم الانضباط يمكن التغلب عليه بوضع لائحة سلوك وتطبيقها بالتدرج ورفع مستوى العقاب حتى ينضبط الطالب. اذا الخلل في القيادات المشرفة والمحاسبة المهنية من قادتهم الأعلى. ولا يكمن الخلل في الشخص لأن حافزه هو نتاج مخرجات المنظومة التي تؤثر عليه. فمسألة الانضباط افرزها المجتمع بتسيب المسؤولين في فرض القوانين. 
واذا كانت الجامعات الاجنبية عالمية وتحاول الحفاظ على سمعتها فانها ستخرج اعداداً متدنية من الخريجين القطريين. هل هناك دولة في العالم لديها اصعب الجامعات في شروط قبولها فقط ولا تتوفر جامعات معتدلة وكليات مجتمع واخرى مهنية؟ حتى الولايات المتحدة نفسها لديها جامعات متوسطة وضعيفة ومسارات اخرى موازية تتناسب مع مستويات الطلبة الذين خلقهم الله من كل صنف. 
كم كانت نسبة اقبال القطريين على التعليم العالي في السابق؟ اليست جامعة قطر هي الجامعة التي خرجت ما يزيد على ٣٣ الف خريج وخريجة؟ لماذا لم يكن التحفيز مشكلة في الفترة السابقة؟ واذا كان السؤال الى متى ستظل جامعة قطر في مستوى متدني ولا بد أن يأتي اليوم الذي فيه سترفع من سمعتها؟ ، فيمكنها ذلك بدراسة مسؤولة واكثر نضجاً بأن تتدرج وتؤسس البنية التحتية الصحيحة برفع مستوى هيئة التدريس والطلاب قبل تخرجهم من مراحل الدراسة الابتدائية والاعدادية والثانوية. عندها ستستقطب طلاب متميزون. والخطوة الثانية هي خلق مسارات بديلة لمن لا يحظى بالقبول في مسار معين.          
واذا كان الطلاب لا يجدون مساراً آخرا مثل التعليم الفني فحتماً سيُحبطون من اعمالهم المستقبلية التي لن يتوفر لهم سواها. وستبقى هذه الوظيفة في اغلب الأحيان لهدف كسب المعيشة فقط. وهنا يكمن خطأ النظام وعوامل فشل حوافز المنظومة والحوافز الذاتية. 
واذا كانت المدارس المستقلة لا تؤهل الطلاب لامتحانات القبول في الجامعات العالمية حتما سيكون هناك عزوف قسري يجبر الطالب على العمل لعدم توفر خيارات اخرى مناسبة آملاً ان يبتعث عن طريق جهة عمله ان حالفه الحظ. 
واذا كان سوق العمل في القطاع الخاص يعتمد على العمالة الاجنبية الرخيصة فلن نجد الغالبية من المواطنين في هذا القطاع الحساس والهام للتنمية المستدامة. فالشركات الصغيرة والمتوسطة هي مراكز ابداع للاقتصاد الوطني وغيابها يؤثر في تقدم التنمية. اما وجود الاجانب فلا يساعد على نقل التقنية المستدامة ولكن يساعد على تطور سنوي في الايرادات قصير المدى ولا نقصد هنا المؤسسات النفطية. 
واذا كان اعادة تأهيل المواطن وتوظيفه مكلف في القطاع الخاص فان القطاع الخاص سيعزف عن توظيف المواطنين وسيتحمل القطاع العام هذه التكلفه عاماً بعد آخر وهي في ازدياد وغالباً لا تحقق مبادرات اعادة التأهيل نتائجها المرجوة لضعف الاساس التعليمي لدى الطالب.  
واذا غاب الذكور القطريين عام ٢٠١١ عن اي تخصص علمي في جامعة قطر فلا بد ان تراجع الجامعة السبب والذي سيرجع غالباً الى سياسات القبول وعدم طرح التخصصات الدراسية المغرية لسوق العمل. 
واذا كان القطاع العام افضل مالياً من القطاع الخاص في الرواتب والامتيازات فالمواطن لديه التزامات قاهرة ليلبيها اهمها كما ذكر مثلث ماسلو في ادنى هرم الاحتياجات وهو الارض والقرض. فالاسعار فلكية لا يمكن للقطاع الخاص حتى ان يمهد لها والا افلس. 
واذا لم ينجز الاطار الوطني للمؤهلات حتى اليوم فلا توجد هناك مسارات فنية كافية توازي المسار الاكاديمي وستقل الفرص لوضع الطالب في التخصص المناسب لميوله الذي لا تستطيع الانظمة الحالية اكتشافه.
اذاً ما سبق ادلة كافية على ان الخلل في الانظمة وليس في الحافز الذاتي لدى الشخص. وللأسف القيادات المتميزة بالفراسة واستشراق المستقبل وتحليل مكامن الخلل بدقة والسعي لتجنبه وتطوير المنظومة التعليمية والتدريبية نادرة أو غائبة عن الساحة. فأفضل الشركات الاستشارية اتت بالخلاصات التي ننتقدها هنا والتي لا تمت بصلة لموضوعنا ، فهل تحاول مجاملة صاحب القرار او ان هذا اعلى ما استطاعت طرحه. او ان من فسر الدراسة لم يفهم معنى الحوافز؟
ان ما يعنينا هو الحوافز المتوفرة للطالب والتي تقدمها الانظمة مثل المجلس الاعلى للتعليم وجامعة قطر ووزارة العمل والكليات والمعاهد الفنية والجامعات الاحنبية. وكذلك ما تستطيع المؤسسات شبه الحكومية الكبيرة والمقتدرة مادياً تقديمه لاصلاح ما افسدته المنظومة التعليمية من اعادة تاهيل ومنح دراسية.  
واذا اردنا ان نعزو السبب لهذا الخلل فحتماً سيكون التطور المفاجئ هو الذي ارتكب هذه الجريمة. فاكتساب المعرفة يتصاعد تدريجيا وتحتاج المعلومات الوقت الكافي لتتحول الى معرفة. اما قياداتنا فلا صبر لها فكل مسؤول يحاول ان ينسب انجاز سريع لإسمه. ولم نشهد تلك الخطة المرسومة التي يحقق كل صاحب يتوالى على المنصب جزءاً منها. وهناك فشل آخر وهو نوع التكنوقراطيين الذي يستشيرهم صاحب القرار. فما نطرحه اليوم يعكس عدم قدرتهم على سبر اغوار ثقافة المجتمع ومنظوماته.   
ان كان ثمة نجاح نعزوه اليوم في تفوق طلبة قطر فهو من جهودهم الغير اعتيادية التي بذلوا فيها الساعات وحرموا من النوم وزيارات اقربائهم والتلذذ بمغريات الحياة ، فقط لسد الفجوة التي اخفق التعليم بسدها واصبحوا اشخاصاً يحيون حياة غير طبيعية وغير متزنة بين العمل أوالدراسة وبين المنزل أوالمجتمع. لا ننكر المبادرة التعليمية فهي نجاح ولكن لن نراه اليوم فالمبادرة التعليمية لم تطبق بالشكل الصحيح المنطقي وهي التدرج. فهذه المبادرة اتت تسبق وقتها بأكثر من عقد. وسيبقى الحل لتطور التعليم في ظل عدم القيام بخطط ادارة للتغيير هو عامل الوقت. فمن بدأ بالمبادرة التعليمية منذ الصف الاول الابتدائي وجماعته الصفيه ومن تلاهم هم من لهم اكثر حظوظ النجاح في تطبيق المبادرة عندما يتخرجون. وعندما نتكلم عن تطبيق المبادرة في ٢٠٠٤م فان هؤلاء سيتخرجون عام ٢٠١٦م. وسنبدأ نقيس النجاحات بعد تلك السنة. اما من كان قبلهم وتبدل فجأة من نظام الوزارة السابق الى نظام المدارس المستقلة فأعانهم الله وذويهم.
واذا اردنا ان نفرق بين خطأ النظام او خطأ الفرد لننظر الى الرسمين البيانيين الذين يمثلان شكل الجرس. ففي الرسمة (أ) نحاول دراسة اعداد الذين تم قبولهم في الجامعات المحلية. فإن كانت الأغلبية هي نصيب من تم قبولهم فإن هذا دليل واضح على ان اي فشل هنا هو الفشل الفردي. ويبين الرسم (ب) العكس فهو يدرس أعداد الذين لم يتم قبولهم في الجامعات المحلية. فان كانت الاغلبية هي من لم يتم قبولهم فهذا دليل واضح على اخفاق النظام.


 
اذا فالحلول بسيطة لا تحتاج لاستشاريين من خارج ثقافة المنظومة وخلاصتها:
1.     ان المشكلة ليست في الشخص ولكن في النظام
2.     انظمتنا لا تطبق القوانين التي تنظم الأداء بالشكل المطلوب وهو دليل على نقص في القيادة
3.     يجب ان تطرح بدائل اخرى للتعليم الجامعي معتدلة واخرى مهنية 
4.     انشاء اطار المؤهلات المهنية وتكامله مع المسار الاكاديمي
5.     يجب ان ينصب تركيز الجامعة على تخريج معلمين متشربين بروح المبادرة التعليمية ومتسلحين بالمعارف المطلوبة والمهارات اللازمة والقيم المطلوبة لانجاحها
6.     تقييم المدارس المستقلة في الجوهر وليس المظهر والتركيز على تطوير عملية نقل الخبرات التعليمية الى الطلاب ووضع اهم هدف وهو اعدادهم لدخول الجامعات المحلية والخارجية
7.     مراجعة المعايير الدراسية لجميع المواد التعليمية والتي وضعت عام ٢٠٠٤ ولم تراجع حتى اليوم
8.     تطوير القطاع الخاص لتحفيز المواطن في الانحراط فيه ومن ذلك تسهيل الحصول على المصادر المالية والاراضي الصناعية والتجارية فالوضع الحالي لا يحفز. كذلك وضع سياسات الابداع وسياسات القطاع الصناعي وربط الاعمال المكملة مع بعضها وتوفير البنية التحتية التي تساعد على تطوير سلسلة القيمة المضافة. ايضاً وهو مهم ويطبق في العديد من الدول تكسيف الاسواق ليستفيد منها الفقير.



 

الخميس، 29 نوفمبر 2012

كيف ننافس

كيف ننافس؟

منافسة جماعية في احدى دورات الاستاذ حمزة الدوسري

 
نناقش في هذه الورقة المنافسة على مستوى الدولة.
المنافسة في مفهومنا يقتصر على أمرين. الأمر الأول هو الاحتكار وعدم السماح للمنافسة الدخيلة حتى نضمن السوق بأكمله. وإن لم نستطع الإحتكار فنلجأ إلى الدعم الحكومي والمنح التي تمنحها الحكومة عن طريق تخفيض المواد الخام أو طاقة مجانية أو مواقع شبه مجانية وخلاف ذلك. لن نتطرق الى المنافسة الغير مشروعة قانونيا (التحالفات والهيمنة والاقصاء وسرقة الاسرار).
وربما أتت مؤشرات المنافسة العالمية لبعض دولنا بالايجابية الا أنها لا تقيس الا المخرجات النهائية مثل توفر المؤسسات والبنى التحتية والاستقرار الاقتصادي والصحة والتعليم. ولكن نعرف جميعنا اننا نواجه التضخم وقوانين تقلص حرية العمالة وضعف تشغيل البنى التحتية المتوفرة وضعف التعليم والبيروقراطيات الوزارية والانفاقات المهدرة وضعف التدريب المهني وتدني قدرات الابداع وعدم توفر المهندسين والعلماء والمشكلة السكانية وضغطها على مرافق البنية التحتية وهناك الكثير.
نحتاج المنافسة لتتمكن الدولة من الازدهار وتحقيق الرخاء وتوفير الخدمات الاجتماعية المتكاملة ورفع مستوى المعيشة للمواطن. فما هي المنافسة؟
أفضل تعريف للمنافسة برأيي الشخصي هو تعريف منتدى الإقتصاد العالمي : " مجموعة المؤسسات والسياسات والعوامل التي تحدد مستوى الانتاجية للدولة." فالدولة المنافسة ستتطور بصورة أسرع على المدى المتوسط والبعيد ، لذا فهي الطريق الصحيح للتنمية الدائمة والتفكير بالأجيال القادمة. اما التعريفات الأخرى فلم أتطرق لها لأنها تشجع على الهدر الذي لا طائل منه. إذا يجب أن توظف المنافسة لتحسين انتاج الدولة .
اذا ما هي القدرات المطلوبة لتطبيق المنافسة الحقيقية المستدامة؟ ولتطبيقها نحتاج الى هيكلة كاملة. تنقسم هيكلية المنافسة إلى هيكلة إقتصادية وهيكلة السوق وهيكلة المؤسسة أوالمنظومة. تعني هيكلة الاقتصاد إلى دراسة انماط الاستثمار والتطوير وتأثيرها على تطور السوق. اما هيكلة السوق فتعني بدراسة إستجابة السوق للصناعات والثقافات المختلفة. وتركز هيكلة المنظومة على العلاقات والوظائف الداخلية لمجموعات المختصين المختلفة او الافراد العاملون لتحقيق الاهداف.
علاوة، يعرّف مايكل بورتر نوعين من الميزة التنافسية: السعر المنافس والفوائد المضافة للمنتوج. ولتحقيق هذه الميزة نحتاج الى المصادر والقدرات. فالمصادر تتمثل في براءات الاختراع والعلامات التجارية والمعرفة الفنية وقاعدة عملاء وسمعة المنظومة واصول المؤسسة. أما القدرات فهي استغلال هذه المصادر بفاعلية لتصل السوق قبل المنافس من خلال ما يسمى بسلسلة القيمة المضافة. فما هي هذه السلسلة؟ تشمل سلسلة القيمة المضافة التوريد (الاستلام والتخزين والعهدة) والعمليات (تحويل المواد الخام الى منتوجات) وتوفير المنتوجات للزبون (المواصلات ومواقع الطلب والبيع او الخدمة) والمبيعات والتسويق (التسعير واختيار قنوات البيع والاعلان) وأخيرا الخدمة (الصيانة الاصلاح وخدمات الدعم). فكما ترى فهي سلسلة متصلة تعتمد على بعضها. وهناك وظائف مساندة لما ذكر منها المشتريات والتقنية وادارة القوى البشرية والبنية التحتية. ولا يتوقف الامر عند ما تقوم به المؤسسة هنا فالسلسلة تمتد الى الموردين والعملاء لتوفير نظام قيمي متكامل.
وما يهمنا في الفقرتين أعلاه هو الميزة التنافسية والقيمة المضافة لتحليل الوظائف في كل موقع وتعزيزه بالكفاءات والمصادر المطلوبة. أي نقيّم كل وظيفة من وظائف سلسلة القيمة المضافة ونتأكد من وجود الكفاءة المطلوبة التي تتفوق على المنافس ولا نكتفي كما هو الحال بتوفير شخص يسد الشاغر.
ومن عوامل المنافسة لدينا في القطاع الخاص وشبه الحكومي والعام عامل الكوادر المحترفة المتوفرة في سوق العمل. يجب ان نحذر من ان نسمي ذلك منافسة لأنها منافسة مغّلفة لان الكوادر المتوفرة هي هجرة مؤقته وستعود لمواطنها دون ان تنقل التقنية بالتأكيد إن تُرك الجبل على الغارب. اذًا فمن منظور الاستدامة تعتبر منافسة هذه القطاعات ضعيفة.
ولقد وظّفت سنغافورة وكوريا الجنوبية معظم استثماراتها في بنية تحتية شاملة ولذا نجد هذه البنية التحتية مستغلة الاستغلال الامثل من قبل جميع القطاعات وتساهم في انتاج الدولة وهو الامر الذي مكنها من التغلب على الأزمة المالية 1997-1998م.
أما من أين تأتي القدرات وما هي هذه القدرات المطلوبة فحتما سنوافق على ان افضل منبع هو الكوادر الوطنية اما القدرات المطلوبة فهي الصناعات والهندسة والعلوم والرياضيات والتقنية. وعليه فلكي ننافس نحتاج الى:
قانون او مرسوم للمنافسة الحرة النزيهة
انشاء جهاز لحماية المنافسة
ان يستفيد القطاع الخاص من البنى التحتية المتوفرة (خصوصا المواصلات والاتصالات)
تقوية التعليم الابتدائي والاعدادي والثانوي بما يخص العلوم والرياضيات والهندسة والتقنية
تطوير المعلمين والمعلمات في مجلات العلوم والرياضيات والهندسة والتقنية
وضع معايير العلوم والرياضيات والهندسة والتقنية للأجيال الحالية وللمستقبل