نحن لا نتشابه
نعيش عالماً تطرف منذ مئات السنين تأصلت فيه روح القبيلة وتأثر بخطاب منابر الجمعة وأصبح متعدد المذاهب رغم ديانته المشتركة فالسني يُكفر الشيعي والشيعي لا يرى السني الا عدوه اللدود كما ان السني من مذهب متشدد مثلاً يستبيح دم السني من مذهب مختلف والعكس صحيح. وفي عصرنا جاءت وسائل الشبكات الاجتماعية المختلفة لتُفرِّق المذاهب اكثر فأكثر.
وتخرج علينا شخصيات تزعم بأنها علمانية تنادي بفصل الدين عن السياسة واخرى ليبرالية تنادي بالعدل والمساواة وآخرون لا دين لهم ولا تتلاقى آراؤهم . هذه الافكار تقوم على مبادئ التسامح واحترام كرامة الإنسان وضمان حقه بالحياة. وللأسف بعضهم لا يطبق ما تنادي به شعاراتهم على خصومهم فتعتبرهم نكرة يحق عليهم القول فلندمرهم تدميراً.
ان مشاكل التعايش السلمي بين شعوب الدول العربية تقود الى خلاصة تكمن في أمر واحد فقط وهو الامر الذي يفاقم الفجوة ويزيد من تصدعها. فكلا الطرفين يعتقد بما لا يقبل المساومة ان الحل يكمن في ان يتغير الشخص الآخر حتى أقبله "وليس أنا" لأنه هو على خطأ "وأنا على صواب" فليوافقني والا لن نتصالح. ويقوم بتبرير موقفه بشتى الوسائل التي تصل احياناً الى مواقف كرتونية مضحكة تتجاوز المنطق والطفولة او أخرى دموية بلا اعتبار للكرامة الانسانية وحق الحياة المتبادل.
نحن لا نتشابه ! نختلف في البيت الواحد. عندما نخرج الى مطعم كل شخص يطلب وجبة مختلفة. هناك من يحب الاستماع الى قارئ قرآن بصوت رخيم وآخر لا يحب الا صوت قارئ بنبرة حزينة. من يسمع الاغاني يوافق ان ذوق اخوه او اخته او قريبه او صديقة يسمع لمطرب مختلف. خلقنا الله مختلفين. الاختلافات تولد الابداع ! وليس التناحر والعداوات. عندما اختار ان اعمل عملا يناسب شخصيتي او البس لباساً اشعر بالراحة فيه او أقيم شعائر وجدانية انا على ايمان بها او آكل وأشرب ما اتلذذ بطعمه واتزوج المرأة التي ارتاح معها ، فكل هذه الامور تجعلني سعيداً. نعم سعيداً وهو الهدف الذي انشده في حياتي.
لنوقف الانتقادات والعنف فكل شخص غير معصوم عن الاخطاء وكل مذهب به ما به من التناقضات . نحن سننجح اذا ركزنا على ايجابيات خياراتنا وحاولنا العثور على الايجابيات المشتركة . والمفاجأة انها اكبر بكثير من اختلافاتنا. فنحن نحب الخير والاحسان وفي قلوبنا رحمة ومستعدون لبذل الغالي والنفيس في سبيل من نحب. نتمنى ان يعم السلام في بلادنا ونحلم بالمواطنة الصادقة والتكاتف والاخوة والجيرة والمجتمع المتماسك.
من اجل ذلك لنختلف ولنركز على إيجابياتنا ونبدع ونحترم بعضنا ونفهم ان غيرنا له الحق في هذه الحياة ومصادرها كما هو لنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق