ادارة الصراع
ماهية الصراع
تعصف بنا صراعات على جميع المستويات وتشمل صراعات في البيت والعمل وبين
افراد المجتمع والشعوب. جميع هذه الصراعات متشابهة في التكوين والهيكلة. فالصراع عبارة
عن مشكلة إتصال بين الطرفين أو الأطراف المتصارعة. فنحن في صراع يومي بسبب عدم
انسجام افكارنا او معتقداتنا او مصالحنا لأجل مكاسب أكبر.
ويعتبر الصراع صحي لأنه يولد الإختلاف في الأفكار ويقود الى الإبداع في وضع
الحلول. ولكن إن إستمر بدون توافق الأطراف أو الوصول إلى حلول ترضي الطرفين فمن
الطبيعي أن يقود ذلك إلى الخصام أو النزاع أو الجدال حول الأفكار والمعتقدات
والمكاسب.
نحن بشر ولدينا حاجات ورغبات وأهداف وقيم. وهناك مصادر لا نستطيع الوصول
إليها ولكن نسعى بإتجاهها. وفي سعينا لها أو بعد الحصول عليها ، ربما نشأت
الصراعات حولها. وعادة يتطلب الصراع الى ثلاثة ظروف تنشأ في نفس الوقت:
1. الحرمان: وهو إعتقادنا أن هناك من
قام بحرماننا من شيئ نحتاجه أو نرغب فيه
2. المتسبب: الإعتقاد أن هناك من يلام على حرماننا هذا
3.
القانون: ان هذا الحرمان غير قانوني في
قانوننا الاجتماعي
أساليبنا في التعامل مع الصراع
وقد تصبح المسائل معقدة يصعب حلها بدون تنازل الأطرف من بعض مكاسبهم. فكيف
تتم الإستجابة ويدار الصراع ؟ ولكن قبل ذلك يجب أن نفهم ردة فعلنا لهذا الصراع
لنبني الوعي والفهم ومن ثم نبني قدرتنا على طرح الخيارات:
1. الكبت: نحن نكبت ما في أنفسنا ولا نعلن عنه ونحذر الآخرين من إفشائه. وبهذا
نغلق أي مجال للحلول لأن ذلك لا يكون مريحاً لنا
2. التفادي: نتجنب الطرف الآخر ونتفادى حتى التطرق الى افكارنا الحقيقية ونلجأ
الى الأفكار السلبية والأصدقاء وآخرين لإثبات حجتنا التي تتلخص في أنهم على خطأ
ونحن على صواب.
3. الحل: اسلوب من اساليبنا في ادارة الصراع هو محاولتنا الجادة ان نفهم لماذا
حدث هذا كله. وثم نتشارك في وضع الحلول.
4. التغير: من اساليبنا ايضا هو ان نتغير ونستخدم الصراع لتطوير علاقاتنا مع
شريكنا في الصراع. يصبح شريكاً وليس خصماً. إن ذلك يتطلب منا شجاعة كبيرة.
5.
التسامح والتجاوز: نتخطى مرارة الصراع وآلامه
ونسمو فوق خلافاتنا
ولكن عادتنا في اغلب الأحيان هي اللجوء الى اسلوب المشاكسة وحل المسائل من
منظور مصالحنا بدون رؤية مصالح الآخر. ونلجأ الى التذلف والمجاملة وتصل الى
الاستجداء احيانا في الحصول على ما نريد. وايضا نستخدم الوعود. فنقدم وعداً بعمل
شيئاً مقابل حصولنا على حاجتنا. وهناك اسلوبنا في استخدام قدراتنا على الاقناع
وثني الآخر عن موقفه. وفي اغلب الأحيان نلجأ الى اساليب سلبية أكبر مثل وصم الآخر
بالعار (انت غبي، أنت مخادع ، انت فاسد) وهو اسلوب بغيض يمزق علاقاتنا. ونستخدم
التهديد اذا لم يقم الطرف الآخر بتنفيذ ما نطلب. وايضا نكسر القوانين او نعدلها حتى
تصب في صالحنا. وأخيراً نلجأ الى القوة الجسدية مثل الضرب والركل والعنف او الحرب
او الارهاب.
اذا ما فهمنا الاساليب اعلاه فاننا سنعرف اسلوب الخصم ان لجأ اليها ايضاً
وسنعرف انها أساليب سلبية وسنطور قدرات أفضل للوصول الى حلول بناءة.
طبيعتنا التحيز
عندما ينشأ جدال يقود الى صراع او العكس فاننا فورا نستخدم ما يطلق عليه "تحيزنا
الفكري الغير مرئي" وهو الإحادة عن جادة الصواب وينطلق تلقائياً بدون وعينا. فمثلا
، عندما يلومنا شخص عن تجاوزنا لبعض القوانين يكون ردنا دفاعياً مثل: لن توافق ان طلبت
منك. وهذا تخمين بناءاً على خبرة سابقة. واحيانا نحكم على الشخص خطأ بأن أهدافه
شيطانية عندما يلومنا أو يعاقبنا على بعض الأخطاء ولا نقدم له العذر. او يكون
لدينا انطباع سابق عن الشخص ولم نختبره لنتأكد. او انحيازنا لمصالحنا التي تعمينا
عن رؤية مصالح الآخرين والسعي وراء اخذ سمعة وشهرة للنجاح اكبر من تلك الخبرات الفاشلة.
عندما نفهم تحيزنا جيداً فاننا سنتوقف فجأة ونتراجع لنفسح المجال لنظرة
الطرف الآخر والذي سينعكس ايجاباً على حل الخلافات.
كيف اذا نتعاون وما هي مبادئ التعاون في هذا الصراع؟ من طبيعة الانسان ان
يعامل الاحسان بالاحسان. فان احسنت الي سأحسن إليك. اما اذا تعاملت بعدائية فمعاملتي
ستكون بالمثل او اشد. هنا يجب ان تعرف بالضبط ما يمكنك ان توفر للطرف الآخر وما هو
طلبك. ايضا لن تتكامل شخصيتك وقيمك الا بعد ان تفي بما توعد. سنتعاون اكثر ان كنا
مقبولين اجتماعيا ضمن مجموعتنا ويجب ان نسعى لتحقيق ذلك. كما ان الاشخاص الذين
يشبهوننا في الطباع الشخصية او الميول سنتعامل معهم بطريقة افضل.
خطوات حل الصراع:
اذ واجهت صراعاً في عملك او حياتك الشخصية يجب ان تحدد مقدار الألم والضرر
وقدرتك على التعامل مع هذا الصراع. فاذا كان الالم كبير والقدرة ضعيفة فيجب ان لا
تهرب وواجه الموقف بطريقة تقوى قدراتك على التعامل مع هذا الموقف وتقلل من الالم
او الضرر او الخسارة تدريجياً. كيف يكون ذلك؟ يكون في خطوات حل الصراع.
أولا: تحديد طبيعة المشكلة
عندما نوجه اللوم الى بعضنا البعض فلن نصل إلى أي حل. يجب ان نحدد طبيعة
الاختلاف ان كانت تتعلق أ) بعلاقاتنا او ب) خلاف على اجراء أو ج) انطباع. مثلاً ان
اكتشفت ان المسألة تتعلق بإجراء فيجب ان تحدد ما هي القيم او التفضيلات او
الاحتياجات التي انتهكت. ثم اطلب لقاء الشخص في مكان خاص لمناقشة الموضوع. لا بد
وان نعذر الشخص الآخر وأن ننطلق من الواقع الذي يبرئ الشخص من الادانة وان الشخص
لم يوجه ما فعله لنا شخصياً. وعندما تلتقي الشخص فان اول ما يجب ان تفعله هو
الاصغاء لما يقول بدون ان تقاطعه. لان ذلك سيجعلك تكتشف ضمن اقواله الحلول للمشكلة
التي لديه والتي لن يصعب عليك حلها. ثم اعد صياغة ما قال للتأكيد على فهمك الصحيح
لما يقول.
ثانيا: بناء الثقة
عندما تحمى المناقشة ، قف وإبطئ من سرعة الوتيرة وقم بإدارة نفسك لان ذلك
الامر الوحيد الذي يمكنك السيطرة عليه في هذه المرحلة. لا تستخدم اللوم وعوضاً
استخدم عبارات تشرح فيها شعورك مثل: "أنا غاضب" بدلاً من "انت
تغضبني" او "اخشى ان لا يفهمني أحد" بدلا من "أنت لا تفهم."
أيضا: طبق الاستماع بانتباه ثم أعد صياغة حديث الآخر حسب فهمك حتى تتضح الأمور. ثم
ركز على الحاضر وليس الماضي. وركز على مسؤولياتك.
ثالثاً: الأسئلة التشخيصية
تتضمن الاسئلة التشخيصية ببساطة: من؟ ماذا؟ متى؟ أين؟ لماذا؟ كيف؟ فعند
غياب هذه الاسئلة التشخيصية نقوم بالتخمين وهو أسوأ ما يمكن حدوثه.
رابعاً: تأطير الإستراتيجية
يجب ان تكون المناقشة ناعمة على الناس وقاسية على المشكلة. واول استراتيجية
هي ان تنتقل من الصراع الى حل المشكلات. قف وإهدأ وخفض نبرة صوتك واطلب من شريكك
ان يفعل نفس التصرف. ثم انتقل من بيئة من هو على خطأ او صواب الى بيئة الأهداف
المشتركة. بعدها انتقل من مرحلة عدم التعاون الى مرحلة التعاون. كن انت من يبادر.
انتقل بعد هذه الخطوة من مرحلة الكسب الى مرحلة الخسارة. تبدو الخطوة شاذة ولكن
نفسياً سيتنازل لك الخصم ان شعر بأنك تخسر. واخيراً انتقل من الماضي إلى المستقبل.
اعتذر ان أخطأت.
خامساً: طرح الحلول والبدائل
قبل ان نتعامل مع الحلول يجب ان نحدد متطلباتنا الثنائية ومشاكلنا بالضبط،
لنا ولشريك النزاع. ان سؤال الطرف شريك الصراع هذا السؤال: ما هي متطلباتك التي
ستجعلك سعيدا؟ اذا كانت هناك افكار لا تسمح بتقدم النقاش احذفها.
سادساً: الحصول على الموافقة
نركز على ما نتفق عليه وليس على خسارتنا. يجب ان تلخص التفاصيل والاجراءات
والوقت ومتى ستحدث وكيف سيكون الاتصال. وبعد الاتفاق كرر ما تم الاتفاق عليه واشكر
شريك الصراع على تعاونه والتزامه.
...لا تدع تخميناتك تقودك
...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق